زلابية دار شعبان الفهري عراقة في الصنع وشاهد على التاريخ..
This browser does not support the video element.
تنتشر صناعة الزلابية والمخارق في الجمهورية التونسية بشكل واسع خاصة خلال شهر رمضان، إلا أن ولايتا نابل وباجة عرفتا بإتقان المذاق والمحافظة على الوصفة التقليدية وهما الأكثر رواجا في صنع هذا النوع من الحلويات.
وتتميز ولاية نابل بإعداد الزلابية وفق وصفة تقليدية الصنع لا تستخدم فيها المواد المصنعة والملونة الحديثة بل وفق وصفة يتوارثها الأجيال ترتكز على مكونات طبيعية تحفظها عائلات توارثت هذه الحرفة أبا عن جد.
وتنتشر محلات صنع الزلابية في مختلف مدن ولاية نابل بل إن بعض المحلات تفتح خصيصا خلال شهر رمضان، وإذا أردت أن تتذوق مذاقا أصيلا سيرشدك سكان ولاية نابل إلى مدينة دار شعبان الفهري أين تجد بضع محلات وأشهرها محل "زلابية بن حمودة" المختص في صناعة الزلابية منذ ما يزيد عن المائة عام.
يقول الأستاذ يحيى الغول أستاذ جامعي في التاريخ المعاصر والمختص في التاريخ الحديث لولاية نابل في تصريح لوكالة الأناضول، إن "من عناصر التراث الأصيل لمدينة نابل في شهر رمضان حلويات الزلابية ومدفع الإفطار الذّي يؤذن ببدء الإفطار فضلا عن الصف وهو عبارة عن استعراض يقوم به جنود وسط المدينة".
وأضاف "كانت حرفة صناعة الزلابية بيد ثلاث عائلات نابلية توارثت المهنة أبا عن جد وأصبحت عنوانها ويأتيها الزوار من بعيد لشراء هذه الحلوى".
وحول تاريخها أوضح الغول أن "الزلابية قدمت من الشرق وهناك من يقول إنها تعود إلى عهد الدولة العباسية كما هناك من يؤكد أنها تعود إلى الدولة العثمانية وهذا ما أرجحه.. عرفت الزلابية خاصة مع عهد الدايات والبايات الحسينيين والباي في التاريخ العثماني هو الوالي ويسمى أيضا قائد الوجق (وحدة عسكرية عثمانية)".
ومن بين العائلات التي توارثت صناعة الحلويات الشعبية الخاصة بشهر رمضان عائلة بن حمودة حيث حمل المنتج اسمها جيلا بعد جيل. و" زلابية بن حمودة" في دار شعبان الفهري من ولاية نابل، أندلسية المنشأ، عثمانية الانتشار، تونسية الصنع منذ أكثر من مائة عام، تتوارثها العائلة جيلا بعد جيل حتى الجيل الرابع.
وسط مدينة دار شعبان الفهري يقع محل صنع الزلابية في مساحة صغيرة من طابقين لكنها مفتوحة للحريف الوافد من مختلف ولايات الجمهورية منذ ساعات الصباح الأولى طيلة شهر رمضان. ويقف في صف يمتد بضعة أمتار يشهد بأم عينه طريقة تحضير طلبه من زلابية ومخارق، حلويات رمضان التي لا يكتمل إعداد طاولة الإفطار دونها.
وتشتهر "زلابية بن حمودة" بمحافظتها على طريقة الصنع التقليدية بخمائر طبيعية تحفظ طعمها المميز جيلا بعد جيل، علاوة على تعليبها في أصيص من الفخار الطبيعي يغلق بالجبس ليحفظ المنتوج طازجا طيلة ستة أشهر، وفق ما أكدته مروى بعطوط سليلة الجد المؤسس لمحل صنع الزلابية محمد بن حمودة. و
في تصريحها لموزاييك، تحدثت مروى بعطوط حفيدة محمد بن حمودة عن عراقة صناعة الزلالية في دار شعبان الفهري، داخل المحل الأشهر الذي كان باي تونس يوفد إليه المراسيل ليزود القصر بحلويات رمضان، وبفضل تمسك العائلة بدقة الصنع وتقاليد إعداد العجين المخمر بمكونات طبيعية خالصة وتعليبها في جرة الفخار ذاع صيت المحل وبات قبلة للزوار من مختلف ولايات الجمهورية كما أصبح قبلة لتصدير المنتوج خارج البلاد، وفق تأكيدها.
ويقبل التونسيون على اقتناء الزلابية من دار شعبان الفهري لكونها حلوى رمضان الشهيرة تمسكا بعادات بصمت مائدة الإفطار التونسية وخصتها بحلوى شعبية غير باهظة الثمن وتعلب في آنية فخارية ترمز لتميز ولاية نابل ودار شعبان الفهري بصناعة تقليدية أخرى هي صناعة الفخار.


سهام عمار