'نساء الفلاحة وفلفل الزينة'.. من جبال القصرين إلى الأسواق

بين جبال الشعانبي وسمامة وسلوم، حيث تراود الأرض تفرّد الطبيعة وتُغازل أشعة شمس الصباح وجوه الكادحات و الكادحين، تسير مفيدة، في مسارها من البيت إلى ضيعة ناضلت من أجل تحويلها من بور إلى شريان حياة، بخطى واثقة تروي، كلما توغلت نحو مرادها، قصة امرأة نذرت حياتها للأرض. هي ابنة بوزقام، وقصة نجاح صنعت من العدم عالما سقته بعرق وصبر مزارعات لا هدف لهن إلا العطاء. تقول مفيدة: "المرأة هنا كل شي... نحن نساء من عائلة واحدة نخدمو نحرثو نزرعو ونجنو... وحتى كان تعبنا التعب مخلوف قدام تعلقنا بالأرض..."

في حقلها، تزرع مفيدة وبقية النسوة كل النباتات المتاحة في كل الفصول الممكنة. الربح المادي هو آخر اهتمامات نسوة بوزقام. مفيدة تحدت عدم وجود الكهرباء في المنطقة بمراهنتها على طاقة شمسية ساعدتها على إنشاء بئر عميقة، جعلت من أرضها رمز حياة، بعد سنوات من الإهمال.

الماء خلق فرصة المراهنة على زراعة الفلفل وتحويله لفلفل زينة "وهريسة عربي"، في تجربة تعتبر الأولى لمفيدة.

عندما يشتد عود الفلفل، بعد أشهر من العناية، تحصد المزارعات المحصول بيدين تنتجان كل ماهو آسر. يتكدس الفلفل الأحمر في أكياس. تُجمع البضاعة بعد يوم عمل انطلق باكرا وانتهى في حدود الساعة منتصف النهار، في الضيعة، لتبدأ مرحلة أخرى من العمل المتقن داخل منزل مفيدة.

نشر الفلفل في مكان مخصص له لتجفيفه. تنظيفه وإزالة الغبار والشوائب بعد أيام من نشره. قصّه لحبات حمراء رقيقة بحذر واهتمام. تقليبه بحنكة وحذر. ثم رحيه وطحنه لتحويله إلى مسحوق... عملية شاقة ودقيقة تشرف عليها مفيدة بعناية، منذ وصولها لبيتها إلى حدود الحصول على  فلفل زينة أو هريسة عربي أو هروس تزين أكلة تونسية صرفة، وتنسج حكايا كفاح نسوة بين جبال القصرين.

وأمام محدودية السوق وحداثة التجربة،  دعمت جمعية فكرة مفيدة وساعدتها في التغليف والتسويق. بفضل هذه المبادرة، تحاول منتجاتها الوصول إلى الأسواق المحلية، وخارج حدود القصرين، وفق ما فسره الناشط بالمجتمع المدني باسم صالحي . "

وجدت مفيدة  في فلاحتها وفي منتوج الفلفل الزينة طريقها لتحقيق ذاتها، لتثبت أن الإصرار والعمل الجاد هما مفتاح التميز. تردد أمام كاميرا موزاييك مع كل خطوة لها في الحقل والمنزل وهي تنظر نحو المراعي الممتدة"لا أهمية للربح المادي في هذه التجربة. أرضنا معطاء وهي كفيلة برزقنا..."

عمل تصوير ومونتاج: برهان اليحياوي.