الاخبار

'حشيشة رمضان'.. حقيقة علميّة أم مجرّد شمّاعة؟

حشيشة رمضان

تغييرات عديدة تطرأ على حياتنا وعاداتنا اليومية مع حلول شهر رمضان، إقتصادية كانت أو اجتماعية وحتى السلوكية، هذا التغيير في الروتين اليومي قد يرافقه تغير في المزاج لدى البعض.

رمضان 'شهر الصبر' يهل علينا ببركاته وأجوائه التي تبعث السكينة في نفوسنا، لكن البعض يرمي أخطاؤه السلوكية أو تعكر مزاجه، غير المفهوم أحيانا، على هذا الشهر الكريم بتعلّة ما يُعرف بـ''حشيسة رمضان'' .

هذا المصطلح يتداوله التونسيون منذ القدم، كلمة ''حشيشة'' مشتقة في الأساس من الحشيش (المخدرات)، وانتشرت هذه الكلمة في المجتمع التونسي خلال حقبتيْ العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، أي أثناء فترة الاستعمار الفرنسي وفق ما نقله موقع ''رصيف 22''، عن رواية 'التوت المر' للأديب التونسي الراحل محمد العروسي المطوي، فهل ''الحشيشة'' حقيقة علمية أم مجرد موروث اجتماعي يتعارض مع روح هذا الشهر الكريم ، هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال!  

''حشيشة رمضان".. ماذا يقول العلم؟

هي حقيقة علمية غير قابلة للنقاش، هكذا تقول أخصائية التغذية مريم التوكابري التي ترى أنّ ''حشيشة رمضان'' حقيقة علمية وفيزيولوجية مؤكّدة، وتوضّح في مداخلة لموزاييك أنّ نقص النسبة التي تعود عليها جسم الإنسان من كافيين وسكريات والنيكوتين (للمدخنين)، يؤثّر على السيروتونين (Serotonin)، أو ما يعرف بهرمون السعادة، أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية التي تستخدمها خلايا الدماغ للتواصل فيما بينها، ما يؤدي إلى التوتر المستمر وتعكر المزاج وسوء التركيز .

الرأي ذاته تشاطره الإخصائية أميرة العسكري التي فسرت في تصريح لموزاييك، أن حشيشة رمضان حقيقة علمية لكن يجب ان لا تتحول إلى شماعة من أجل تبرير تصرفات غير مقبولة على غرار الدخول في مشاحنات على أبسط الأسباب.

''نقص السكريات والماء وقلة النوم جميعها تؤثر على الدماغ وخاصة هرمون السيروتونين ما يؤدي الى توتر''، تقول الإخصائية وتضيف: '' لكن كل ما سبق لا علاقة له بما يحصل في بعض الأحيان في الشارع التونسي من مشاحنات وعصبية مفرطة تصل حدّ العنف أحيانا''.

هذه التأثيرات السلبية التي يتسبب بها نقص هذه المنبهات في الجسم لا تستمر إلاّ أيام قليلة قبل أن يتعود الجسم على التغييرات.

الأخصائية في علم النفس إسراء المنصوري، تقول لموزاييك، إنّ نقص بعض الهرمونات في الجسم وقلة النوم له تأثيرات جسدية، تتحول بدورها إلى تأثيرات اجتماعية ونفسية، بسبب التغييرات التي تطرأ على الروتين اليومي، على غرار الرغبة المستمرة في النوم، الكسل، الخمول، تعكر الحالة المزاجية، وارتفاع العصبية والتوتر.

الصيام ليس ذريعة للانفلات العصبي

ازدحامات مرورية في الشوارع واكتظاظ في وسائل النقل العمومية وتدافع في الأسواق وأمام المحلات وطوابير أمام المخابز، ومشاحنات بين السائقين، عنف لفظي وجسدي، منبّهات السيارات لا تتوقّف، فهل لرمضان أو الصوم علاقة بذلك؟ طبعا لا!

ففوائد الصوم لا تعد ولا تحصى فهو تهذيب للنفس، وصحة للجسد وطهارة للقلب، وعزيمة للعمل بذل الجهد والعطاء والتسامح، هو فرصة لتهذيب السلوك للمسلم، هكذا يصف الأستاذ في علم النفس الدكتور صالح الشويت الشهر الكريم.  

وبيّن أنّ اتخاذ البعض الصيام ذريعة للانفلات العصبي، أمر غير مقبول ولا مبرّر له، ويرى أنه اذا كان الجوع والعطش قد يجعلان الانسان عصبي المزاج قليلا، وذلك اذا اشتد كثيرا، فهذا لا ينطبق على الصائم الذي تبدأ عصبيته وكسله منذ الصباح، في مجتمع يتحمل سوء أخلاقه ويغفر له بتعلة ''أنّه صائم''.

''الصيام بريء من كل هذه الاتهامات، بل العكس من ذلك جميع الدراسات الطبية النفسية والاجتماعية تؤكد أن الصيام عبادة الاسترخاء والراحة النفسية والعصبية''، يقول الشويت.

من جانبها، ترى إيمان الجزيري مدربة تنمية بشرية، أنّ هذه الظاهرة مجرد شمّاعة يعلّق عليها البعض تصرفاته غير المقبولة وعدم قدرته على التحكم في ردة فعل جسده مع الامتناع عن الأكل والشرب، قائلة في تصريح لموزاييك: '' نقص النيكوتين أو الكافيين بالنسبة للصائم لا يبرر ممارسته للعنف اللفظي والمادي''.

وترى أنّ رمضان هو شهر العبادة ما يعني التحكم في الذات وضبط النفس والمبادرة بالكلمة الطيبة وحسن المعاملة واتقان العمل وحسن خدمة الآخر .

في الختام سواء كان الأمر يتعلق بهرمونات أو نقص منبهات، لا يجب إطلاق العنان للنفس للانفعالات الغاضبة بتلعة "الحشيشة"، الشيء الذي يتعارض مع حكمة الصوم.

*أميرة عكرمي

شارك: