الدوعاجي: تراجع معدل الولادات في تونس إلى أقل من طفلين لكلّ أسرة
نظّم الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بالتعاون مع الجمعية التونسية للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، مائدة مستديرة تحت عنوان "قراءة في التحولات الديمغرافية في تونس من منظور المساواة بين الجنسين"، احتضنها مقرّ الديوان بالعاصمة، بمشاركة عدد من الخبراء والفاعلين في مجالات السكان والصحة والحقوق الاجتماعية.
وناقش اللقاء، الذي يندرج في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، التغيّرات الديمغرافية التي تشهدها البلاد، وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على واقع المرأة التونسية في مختلف الجهات، خصوصاً في ظل التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة.
التحديات مستمرة
وفي تصريح لموزاييك، أكّد محمد الدوعاجي، الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، أنّ تونس تعد من الدول الرائدة في مجال تمكين المرأة، خصوصاً في ما يتعلق بالصحة الإنجابية، مشيراً إلى أنّ "المرأة التونسية لطالما كانت في صلب السياسات العمومية منذ عقود، والديوان عمل ولا يزال يعمل على بلورة برامج تشمل كل النساء، وخاصة المقيمات في المناطق الداخلية والريفية التي ما تزال تعاني من بعض أوجه التهميش".
وأضاف الدوعاجي أنّ الصحة الإنجابية تمثل أحد أبرز محاور تدخل الديوان، مؤكداً أن البرامج الوطنية تستهدف النساء من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، وأن هناك حرصاً على ضمان العدالة في النفاذ إلى الخدمات الصحية والتوعوية، بما ينسجم مع معايير المساواة بين الجنسين.

تحولات ديمغرافية مقلقة
ولفت المسؤول الأول عن الديوان إلى أن تونس تشهد تراجعاً مطرداً في نسب الولادات، إذ أصبح معدل عدد الأطفال في العائلة يقل عن طفلين، وهو مؤشر يعتبره المختصون إنذارًا مبكرًا لتغيرات عميقة على مستوى التركيبة السكانية، خصوصاً في ظل ارتفاع مؤشرات أمل الحياة التي وصلت إلى 77 سنة للمرأة و75 سنة للرجل.
وقال الدوعاجي في هذا السياق: "هذا التحول يتطلب مراجعة للسياسات السكانية، لأن تقلص عدد الولادات قد تكون له تداعيات مستقبلية على سوق العمل وعلى منظومة التقاعد وعلى التوازنات الاجتماعية بشكل عام، خاصة إذا لم تتوفر استراتيجيات استباقية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات في أنماط الزواج، وتأخر سن الإنجاب، وارتفاع نسب الطلاق".
المرأة في قلب التحديات
وخلال المائدة المستديرة، تم التطرق إلى عدة قضايا تمس المرأة التونسية اليوم، من بينها ظاهرة العنف المسلط ضد النساء.
حيث أكد الدوعاجي أن "تونس تمتلك ترسانة قانونية متقدمة لحماية النساء، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في تنفيذ هذه القوانين على أرض الواقع".
وأشار إلى أنّه "رغم بعض المكاسب، إلاّ أنّ الواقع يكشف عن استمرار ممارسات عنف مروعة، أودت مؤخراً بحياة عدد من النساء في حوادث صادمة، ما يؤكد أن الجهد يجب أن يتواصل، وأن المؤسسات المعنية مطالبة بتكثيف العمل الميداني والتوعوي والتنسيق فيما بينها".
كما تناول اللقاء أهمية القوانين الحديثة التي تهم المرأة، مثل قانون الرضاعة الذي يهدف إلى دعم الأمهات العاملات، وضرورة تفعيل الآليات الكفيلة بتمكين النساء من التوفيق بين حياتهن المهنية والعائلية، خاصة في ظل تغير تركيبة الأسرة وتبدل الأدوار الاجتماعية.
تكثيف الحملات التوعوية
كما شدّد عدد من المتدخلين على أهمية إرساء ثقافة المتابعة والتقييم للبرامج الموجهة للنساء، وتكثيف حملات التوعية، وتعزيز التنسيق بين الهياكل العمومية ومكونات المجتمع المدني، من أجل ضمان نجاعة أكبر في معالجة التحديات السكانية، ووضع المرأة في صلب التغيير.
وختم الدوعاجي تصريحه بدعوة إلى الحفاظ على التقدم الذي حققته تونس في مجال حقوق المرأة، والعمل على تطويره وتوسيعه ليشمل كل الجهات والفئات، قائلاً: "نحتاج اليوم إلى قرارات جريئة وإرادة حقيقية من أجل أن تبقى المرأة شريكاً فعلياً في صناعة المستقبل الديمغرافي لتونس".
صلاح الدين كريمي