الاخبار

بفضل الذكاء الاصطناعي: أوّل طفل بتقنية التخصيب الآلي.. كيف ذلك؟

إنّها ليست رواية خيال علمي، بل خبر حقيقي قادم من قلب المختبرات..

بفضل الذكاء الاصطناعي: أوّل طفل بتقنية ...

لأوّل مرة في التاريخ، أُنجزت عملية تخصيب بويضة بشكل كامل بواسطة الذكاء الاصطناعي والروبوتات، دون أيّ تدخل بشري مباشر، حيث أعلن علماء عن ولادة أول طفل باستخدام نظام آلي متكامل لإجراء الحقن المجهري (ICSI)، في تطور يعد بإحداث ثورة في مجال التلقيح الصناعي (IVF).

هذا الإنجاز ليس مجرد تطوّر طبي، بل علامة فارقة تطرح أسئلة أكبر: هل بدأ الذكاء الاصطناعي يتسلّل إلى أعقد مناطق الحياة؟ كيف تتمّ هذه العملية؟ وأيّ أهمية لهذا الإنجاز؟

تخصيب آلي بالذكاء الاصطناعي.. كيف ذلك؟

في العادة، يتمّ تخصيب البويضة صناعيًا داخل المختبر على يد طبيب مختص، من خلال عملية تُعرف بالحقن المجهري، حيث يختار الطبيب حيوانًا منويًا سليمًا، ثم يحقنه يدويًا داخل البويضة باستخدام أدوات دقيقة جدًا تحت المجهر.

لكن "التخصيب الآلي" غيّر قواعد اللعبة، ففي هذه التقنية الجديدة، لا يتدخّل الإنسان إطلاقًا، حيث يقوم نظام آلي متكامل، يعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات، بكلّ المهام التي كان يؤديها الطبيب:

يُحلّل الذكاء الاصطناعي الحيوانات المنوية ويختار الأفضل منها.

← يتحكّم الذراع الروبوتي في التقاط الحيوان المنوي.

← يستخدم ليزر دقيق لتثبيت البويضة وحقنها.

يُتابع تطوّر الخلايا بعد التخصيب، ويقرّر متى يُجمّد الجنين.

كلّ هذه الخطوات، وعددها 23، تتمّ بدقّة متناهية، دون أن تلمس يد بشرية البويضة أو الحيوان المنوي.

 23 خطوة دون الحاجة إلى تدخّل بشري مباشر..

إذن، فقد أخرج هذا النظام الجديد الذي طوره فريق بحثي مشترك من شركة Conceivable Life Sciences، التي تعمل في نيويورك وغوادالاخارا بالمكسيك، هذه العملية من أيدي البشر. ويعمل النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي على أتمتة جميع مراحل الحقن المجهري البالغة 23 خطوة بدقة واتساق غير مسبوقين، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.

ويدمج نظام الحقن المجهري الجديد بين الروبوتات الحديثة وتقنية الذكاء الاصطناعي لأداء أكثر المهام حساسية في الحقن المجهري. وبفضل خوارزمياته المتطورة، لا يتحكم الذكاء الاصطناعي في عملية الحقن فحسب، بل يستخدم أيضا أشعة الليزر لتثبيت الحيوانات المنوية المختارة بدقة، ويوجهها إلى البويضة بمستوى يتجاوز بكثير القدرات البشرية. 

لم تستغرق سوى 10 دقائق لكلّ بويضة.. تفاصيل التجربة

جاءت هذه التجربة الناجحة بعد مشاركة سيدة في الأربعينيات من عمرها سبق أن فشلت لديها محاولة سابقة للتلقيح الصناعي. 

وفي هذه التجربة، تم تخصيب خمس بويضات باستخدام النظام الآلي الجديد، بينما تم تخصيب ثلاث بويضات أخرى بالطريقة اليدوية التقليدية لأغراض المقارنة. 

 

واللافت أن العملية الآلية التي تم التحكم فيها عن بعد من مدينتي نيويورك وغوادالاخارا، رغم البعد الجغرافي الكبير بينهما، لم تستغرق سوى عشر دقائق تقريبا لكلّ بويضة.

وأسفرت التجربة عن نتائج مبهرة، حيث تطورت أربع من البويضات الخمس التي خضعت للتخصيب الآلي بشكل طبيعي. وتم اختيار إحدى الأجنة الناتجة والتي تم تكوينها عبر الحقن الآلي من مسافة تصل إلى 3700 كيلومتر، حيث جمدت بنجاح ثم نقلت لاحقا إلى رحم الأم.

ومر الحمل بسلام دون أي مضاعفات، لتتوج الجهود بولادة طفل سليم ومعافى. ويصف العلماء العمليات التفاعلية الأسرع بأنّها ما تزال في مراحل تجريبية، لكنّهم يتوقعون أنّ التحسينات القادمة ستزيد السرعة. 

أيّ أهمية لهذه الإنجاز؟

ويُمثّل هذا الإنجاز الأوّل من نوعه في التاريخ الطبي قفزة كبيرة في أساليب الإنجاب المساعد، حيث تمكّن العلماء من أتمتة العملية برمتها باستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات المتطورة. 

ويُوضح خبراء أنّ أتمتة عملية الحقن المجهري "تمثل حلا تحويليا يعد بتحسين الدقة، وزيادة الكفاءة، وضمان نتائج متسقة" من خلال تقليل التباين والإجهاد البشري المرتبط بالعمل. كما يؤكّد الخبراء على أنّ هذا الإنجاز يمثل نقطة تحول كبرى في مجال الطب التناسلي. 

فمن ناحية، يقلل النظام الجديد من الاعتماد على العامل البشري وما قد يصاحبه من تباين في النتائج، ومن ناحية أخرى يضمن مستويات غير مسبوقة من الدقة والاتساق في عمليات التلقيح الصناعي. كما يفتح الباب أمام إمكانية إجراء هذه العمليات عن بعد وبكفاءة عالية، وهو ما قد يسهم في زيادة فرص الوصول إلى هذه الخدمات الطبية المتخصصة.

وبالتالي، يُمكن القول إنّ هذا الإنجاز الذي تمثل في ولادة أول طفل بتقنية التخصيب الآلي ليس مجرد خطوة علمية أخرى، بل يعد حدثًا تاريخيًا في عالم الطب ونقلة نوعية في مجال الطب التناسلي.

أمل مناعي

شارك: