الكافيين.. حان وقت التخفيف التدريجي قبل رمضان!
يعتاد الكثيرون على جرعة يوميّة من الكافيين، سواءً عبر فنجان قهوة صباحي أو مشروبات منبهة خلال اليوم. لكن مع حلول شهر رمضان، يَجدُ الصائمون أنفسهم مضطرين لتوقّف مفاجئ قد يؤدي إلى أعراض انسحابية مزعجة، مثل الصداع والإرهاق واضطراب المزاج.
فالإدمان على الكافيين ليس مجرّد عادة، بل ارتباط جسدي وعقلي لا نُدرك حجمه إلاّ عندما نُحاول التوقّف عنه. لذلك مع اقتراب شهر رمضان، يُصبح التخفيف التدريجي للكافيين ضرورة.
لماذا نُدمن على الكافيين؟
الكافيين هو الاسم المتداول لمادة ثلاثي ميثيل كزانثين (1,3,7-Trimethylxanthine)، وهي مادة مرة لها خواص طبيعية منشطة ومحفزة للحواس.
ويُوجد الكافيين بشكل طبيعي في أكثر من 60 نباتًا، بما في ذلك حبوب البن وأوراق الشاي وقرون الكاكاو (المستخدمة لصنع منتجات الشوكولاتة). وهناك أيضًا مادة الكافيين الاصطناعية، والتي تتم إضافتها إلى بعض الأدوية والأطعمة والمشروبات.
وعندما نشرب القهوة أو نتناول أيّ شيء يحتوي على الكافيين فإنّ الأمعاء تمتصه سريعا ليصل إلى الدم، حيث ينتقل إلى الكبد، ليّحلله الجسم إلى مركبات أخرى تُؤثر على وظائف الدماغ وأعضاء الجسم الأخرى، وذلك كالآتي:
← يمنع تأثير الأدينوسين: هو ناقل عصبي يُسبب شعورنا بالتعب والنعاس الشديد عند ارتفاع مستواه في الجسم، ويمنع الكافيين تأثير هذا الناقل العصبي، مما يزيد من شعورنا باليقظة والنشاط.
← يُعزّز نشاط بعض النواقل العصبية في الدماغ: مثل الدوبامين والنورإبينفرين.
حيث يُحفّز الكافيين إفراز الدوبامين، وهو الناقل العصبي المرتبط بالشعور بالسعادة والمكافأة. وهذه العملية تُشبه إلى حدّ ما تأثير بعض المواد المسببة للإدمان، حيث يشعر الدماغ بالراحة ويبدأ في طلب المزيد من الكافيين للحفاظ على هذا الشعور. كما يُعزز الكافيين إفراز النورإبينفرين، الذي يزيد من اليقظة والانتباه، مما يساهم في تعزيز الأداء العقلي والجسدي.

ويتميّز الكافيين بأنّه قابل للذوبان في الماء والدهون، لذلك فهو يدخل إلى جميع أنسجة الجسم، ما يُفسّر تأثير الكافيين على العديد من أجزاء الجسم المختلفة.
ويُفضّل ألاّ يستهلك البالغون أكثر من 400 ملغم من الكافيين يوميا (حوالي أربعة فناجين من القهوة)، خاصة أن استهلاك كمية أكبر قد يؤدي إلى ارتعاش العضلات والغثيان والصداع وخفقان القلب وحتى الموت (في الحالات القصوى).
وعلى الرغم من أنّ مادة الكافيين قد لا تكون خطيرة على الصحة مثل بعض المواد الأخرى التي تُسبّب نوعا من الإدمان أو الاعتياد كالكحول، إلاّ أنّ الإقلاع عنها دون سابق إنذار قد يتسبّب في تحفيز ظهور أعراض مزعجة فيما يسمى بمتلازمة "انسحاب الكافيين".
ماذا يحدث عند التوقّف المفاجئ عن الكافيين؟
مادة الكافيين لا تتراكم في الجسم، بل يقوم بالتخلص منها بانتظام. إذ يبدأ تأثير الكافيين عادة بالظهور على الجسم بعد مرور 5-30 دقيقة من تناوله، ويحتاج الجسم فترة تتراوح بين 30-45 دقيقة حتى يقوم بامتصاص الكافيين بالكامل.
ويمرّ جسدك يمر فعليا بأعراض الانسحاب، كما لو كنت تتخلص من أي مادة أخرى، نظرًا لأنه يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، فسوف تصاب بالاهتزاز والانزعاج والصداع.
وعندما يتوقف الشخص فجأة عن تناول الكافيين، ينخفض مستوى التنبيه العصبي بشكل حاد بسبب التراجع المفاجئ في مستويات النواقل العصبية.

وقد يؤدي ذلك إلى مجموعة من الأعراض المزعجة مثل الصداع، التعب، التهيج، وصعوبة التركيز.
• الصداع: الكافيين يعمل على تضييق الأوعية الدموية في الدماغ، وعند التوقف عنه فجأة، تتمدد هذه الأوعية بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم وحدوث الصداع.
• الإرهاق والتعب الشديد: بما أن الكافيين يمنع تأثير الأدينوزين المسؤول عن النعاس، فإن التوقف عنه فجأة يؤدي إلى زيادة نشاط الأدينوزين بشكل مفاجئ، مما يجعل الشخص يشعر بالتعب الشديد والخمول.
• التهيّج والتقلبات المزاجية: لأن الكافيين يعزز إفراز الدوبامين (هرمون السعادة)، فإن التوقف عنه يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في مستويات الدوبامين، مما قد يسبب القلق، العصبية، وحتى الشعور بالاكتئاب المؤقت.
• صعوبة التركيز وضعف الانتباه: دون الكافيين، قد يشعر الشخص بضبابية الدماغ وصعوبة في التفكير، خاصة خلال الأيام الأولى من الانسحاب.
• اضطرابات النوم: المفارقة أن بعض الأشخاص الذين يستهلكون الكافيين يوميًا يعانون من الأرق، لكن عند التوقف عنه، قد يواجهون نعاسًا مفرطًا أو نومًا غير مريح..
لكن هذه الأعراض مؤقتة، ويمكن تقليلها عبر التقليل التدريجي لاستهلاك الكافيين قبل التوقف التام.
كيف نُخفّف الكافيين تدريجيا قبل رمضان؟
إذا كنت معتادا على تناول القهوة أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين يوميا، فإن التوقف المفاجئ عنه قد يؤدي إلى أعراض انسحابية غير مريحة، نتيجة لاعتماد الجسم عليه. وتبدأ هذه الأعراض عادة خلال 12 إلى 24 ساعة من آخر جرعة من الكافيين، وتبلغ ذروتها خلال اليومين الأولين، لكنها قد تستمر لمدة تصل إلى أسبوع في بعض الحالات.
لذلك، يُنصح بأن لا ترتكب خطأ التوقّف المفاجئ عن الكافيين كليا، والأفضل أن تقلل تدريجيا (على مدار أسبوعين) وببطء كمية القهوة والشاي والمشروبات المحتوية على الكافيين.
√ إذا كنت تشرب 3 أكواب يوميًا، خفّضها إلى 2.5 كوب في الأيام الأولى، ثم إلى 2 أكواب، وهكذا حتى تصل إلى كوب واحد فقط قبل رمضان.
√ لمن يشربون كوبًا واحدًا يوميًا، يمكنهم تقليل كمية القهوة في كل كوب تدريجيًا (مثل استبدال ملعقة كاملة بنصف ملعقة).
√ شرب الشاي الأخضر بدلاً من القهوة، حيث يحتوي على كافيين أقلّ ويتم امتصاصه ببطء في الجسم.
√ احصل على نوم جيد (7-8 ساعات يوميًا) بدلًا من الاعتماد على القهوة للبقاء مستيقظًا.
√ مارس الرياضة بانتظام، مثل المشي الصباحي، لأنها تعزز النشاط وتساعد على تقليل الشعور بالإرهاق.

ويُمكنك أيضا رفع مستويات الطاقة في جسمك دون الاعتماد على الكافيين:
√ تناول كميات كافية من الماء يوميًّا، فنقص الماء قد يسبب الجفاف والذي يؤدي بدوره لشعور مستمر بالإرهاق.
√ استبدل القهوة بأحد المشروبات الصحية التي قد تساعد على تنشيط الجسم.
√ تناول الأطعمة الغنية بفيتامينات المجموعة ب، مثل: الحبوب المدعمة، والمكسرات، والبذور.
√ احصل على حصة كافية من البروتينات يوميًّا، مثل: البيض، ومنتجات الألبان منزوعة الدسم، وزبدة الفستق أو زبدة اللوز.
التخفيف التدريجي من الكافيين قبل رمضان ليس مجرّد خيار، بل خطوة ضرورية لتجنّب الأعراض الانسحابية والاستعداد للصيام براحة أكبر. عبر تقليل الكمية تدريجيًا، واستبدال المشروبات المنبهة بخيارات صحية..
* أمل مناعي