الاخبار

'الذهب الأخضر'.. أزمة عصفت بالفلاح وأنعشت جيب المُستهلك

'الذهب الأخضر'.. أزمة عصفت بالفلاح وأنعشت جيب المُستهلك

زيت الزيتون التونسي، 'ذهب أخضر' يَقْطُر من 110 ملايين شجرة تُغطي مليوني هكتار من الأراضي التونسية، ما يعادل 45 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة.

تُعد تونس من أكبر المنتجين العالميين لزيت الزيتون، حيث تضم البلاد الملايين من أشجار الزيتون، بمعدل 10 شجرات لكل مواطن! يُساهم هذا القطاع بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر 50 مليون يوم عمل سنويًا لأكثر من 250 ألف عامل، نسبة كبيرة منهم نساء.

تسميات مختلفة من ولاية إلى أخرى.. و الشملالي الأهم

عديدة هي ومتنوعة تسميات الزيتون التونسي وتختلف من ولاية إلى أخرى، باختلاف أنواعه، فنجد 'الزيتون الشملالي' وهو من أهم الاصناف وأكثرها انتشارا من شمال البلاد إلى جنوبها، ونجد أيضا 'الزيتون الوسلاتي' نسبة لمنطقة الوسلاتية من ولاية القيروان وهو ثاني أهم صنف من الزيتون في تونس. 'الزيتون الشمشالي القفصي' الذي تختص به ولايات الجنوب الغربي وهو ذو جودة عالية وأشجاره مرتفعة. أما الزيتون الشتوي وهو من الاصناف العريقة وتتميز به جهة الشمال الغربي التونسي، فطعمه حار ومرّ، يقول مختار العلاقي رئيس مصلحة حماية النباتات بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالقصرين، لموزاييك.

 

 

زيت الزيتون.. الصابة في أرقام

عرفت صابة زيت الزيتون، في الموسم الحالي، ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنة الفارطة، حيث قدّرت بحوالي 340 ألف طن مسجلة تطوار بـ55 بالمائة، في حين قدر الانتاج الوطني من الزيتون بـ1.7 مليون طن، وفق الأرقام الرسمية لوزارة الفلاحة والموارد المالية والصيد البحري.

قرابة 190 ألفا و122 طنا من الصابة، موجهة للتصدير إلى الخارج، بقيمة 5025 مليون دينار، 26 ألفا و483 طنا منها مُعلبة بقيمة 765 مليون دينار.

المدير العام لمركز النهوض بالصادرات مراد بن حسين يفيد لموزاييك بأن تونس تصدر زيت الزيتون لـ55 سوقا عالمية، مضيفا أن زيت الزيتون البيولوجي التونسي 'لا تضاهيه زيوت' المنافسين الآخرين لتونس، والذي صدّرت منه تونس نحو 39 ألفا و194 طنا بقيمة 1061 مليون دينار.  

واحتلت تونس، في الموسم الحالي، المرتبة الثانية عالميا من حيث إنتاج زيت الزيتون بعد اسبانياّ، وفق المدير العام للديوان الوطني للزيت حامد الدالي. وساهم التصدير في ارتفاع الصادرات الغذائية بـ 58 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، كما ساهم في جلب عملة صعبة تفوق 5 مليار دينار، وفق الجامعة الوطنية لمنتجي الزيتون .

 

 

بداية الأزمة.. فجـــــــوة بين الانتاج والأسعار

هذه الأرقام الإيجابية تُخفي وراءها أزمة كبيرة عرفها القطاع مع بداية موسم الجني، حيث قابل ارتفاع الانتاج، انخفاضا في الأسعار بل ''انهيارا'' كما يقول منتجو زيت الزيتون الذين أكّدوا تكبّدهم لخسائر فادحة جراء ذلك.

انخفاض أسعار زيت الزيتون أدى إلى عزوف الفلاحين، في بداية الموسم عن الجني الزيتون، الشيء الذي أثار تخوفات المتدخلين، من تأثّر شجرة الزيتون وبالتالي انتاج المواسم المقبلة.

تراجع أسعار الزيت يوما بعد يوم، في بداية الموسم خلق أزمة كبيرة بين الفلاحين ووزارة الاشراف، حيث اعتبر الفلاحون أنّ الفجوة كبيرة بين الأسعار وتكاليف الجني والانتاج والاعتناء بالشجرة. وحمّل حينها الفلاحون المسؤولية لوزارة الفلاحة التي كان بامكانها تجاوز الازمة عبر اتخاذ جملة من الاجراءات المسبقة خاصة وان كل المؤشرات كانت تدل على أن الصابة ستشهد تطورا ملحوظا، مؤكّدين أنّهم لن يقبلوا بأقل من سعر 15 دينارا للتر الواحد من الزيت، في حين تؤكّد وزارة الفلاحة أنّ السعر لا تحدده هي لكنه يخضع للعرض والطلب.

 

 

الديوان الوطني الزيت على الخطّ

أزمة دفعت الديوان الوطني الزيت الى التدخل عبر اقتراح شراء بعض الكميات من المخزون المتوفر في المعاصر ولدى الفلاحين، باعتماد أسعار تأخذ بعين الاعتبار الأسعار المتداولة بالسوق العالمية والداخلية، آلية رأى الفلاحون حينها انها غير كافية لكنها تكتسي بعض الفعالية.

ومع انطلاق الديوان في عملية الشراء والتخزين، اتخذت وزارة الفلاحة جملة من الاجراءات لامتصاص الأزمة بما يحفظ حقوق الفلاحين ويدعمهم ماليا، حيث قررت تمويل تخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين في حالة تواصل تسجيل تراجع في الأسعار المتداولة في السوق الداخلية، فضلا عن مواصلة العمل بالإجراء المتعلق بتمديد خلاص القروض الموسمية بـ3 أشهر للفلاحين وأصحاب المعاصر، كما أعلنت عن إجراءات التالية:

-وضع طاقة الخزن المتوفرة لدى الديوان الوطني بمراكزه الجهوية على ذمة الفلاحين والمنتجين لخزن زيت الزيتون حسب الرغبة.

- التنسيق مع البنوك لضمان تمويل المتدخلين بما يساهم في حسن تقدم الموسم.

-إحداث خلية متابعة دائمة تكلف بالمتابعة اللصيقة لتقدم موسم الجني والتحويل والترويج ونسق تطور الأسعار داخليا وخارجيا بالتنسيق مع جميع الهياكل المتدخلة، كما تتولى التنسيق مع لجان المتابعة الجهوية لتذليل كل الصعوبات التي يمكن أن تطرا مع تقدم الموسم.

 

أزمة للمنتج.. فرحة للمستهلك

هذه الأزمة، صبت في صالح المستهلك التونسي، الذي ما نفك يشتكي من ارتفاع أسعار زيت الزيتون في المواسم الفارطة والتي وصل فيها السعر قرابة الـ30 دينارا للتر الواحد، (موسم 2022- 2023).

الاستهلاك الوطني من زيت الزيتون يبلغ 25%، نسبة تُوصف بالضئيلة، وتسعى وزارة الفلاحة للقيام بداراسات من أجل تطويرها، تقول درصاف بن أحمد عن إدارة الانتاج الفلاحي بالوزارة لموزاييك.

 

 

 

بعد تجربة أولى ناجحة.. زيت الزيتون البكر في الأسواق

وفي ثاني تجربة لها، أعلنت وزارة الفلاحة عن انطلاق 'البرنامج الوطني الداخلي لزيت الزيتون' بعد نجاح التجربة الأولى، وقامت بتوفير حوالي 250 ألف لتر زيت زيتون بكر ممتاز بسعر 12.5 دينار للتر الواحد، و37 دينارا للقوارير ذات سعة 3 لترات.

زيت الزيتون البكر هو الزيت الذي يتم استخراجه من الزيتون بطرق طبيعية دون استخدام المواد الكيميائية أو الحرارة العالية، ويعد الأفضل من الناحية الصحية، ويتميز زيت الزيتون البكر بطعم ورائحة فريدة ومذاق مميز.

 

 

وانطلقت عملية تسويق قوارير زيت الزيتون البكر ذات سعة لتر مع بداية شهر فيفري الجاري، تقريبا بكل المساحات التجارية الكبرى. وأكّد رئيس غرفة أصحاب المساحات التجارية الكبرى الهادي بكور لموزاييك، أنّ نسق تزويد المساحات الكبرى سيتواصل طيلة السنة وأن الكميات متوفرة.

نجاح التجربة الأولى والتي انتهت بكسب ثقة المستهلك التونسي، والإقبال الجيد على زيت الزيتون البكر في المساحات التجارية، وفق ما عاينته غرفة أصحاب المساحات التجارية الكبرى، خلال الأسبوع الأول، وتماشي السعر مع القدرة الشرائية للمواطن، دفع الوزارة إلى الاعلان تخصيص كميات إضافية، ستكون متوفّرة في الأسواق قريبا.
 

*أميرة عكرمي

شارك: