قاضية على رأس وزارة المالية.. كيف ولماذا؟
كلّف رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أمس الأربعاء 5 فيفري 2025، مشكاة سلامة الخالدي وزيرة للمالية، خلفا لسهام البوغديري نمصية التي تولّت حقيبة المالية منذ أكتوبر 2021. وشغلت مشكاة منصب رئيسة لجنة الصلح الجزائي، وهي قاضية من الرتبة الثالثة.
مهام وزارة المالية التونسية:
وزارة المالية، هي وزارة مكلفة بإعداد وتنفيذ سياسة الدولة في الميادين المالية والنقدية والجبائية، حسب الأمر عـ316ـدد لسنة 1975 المؤرخ في 30 ماي 1975.
تعد وزارة المالية مشاريع قوانين المالية وتسهر على تنفيذ ميزانية الدولة والموازين الملحقة بها وموازين المؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية والأموال الخاصة بالخزينة طبقا للنصوص التشريعية والترتيبية الجاري بها العمل.
وتقع استشارتها بشأن كل المسائل التي يكون لها تأثير على الميزانية وخاصة ما يتعلق منها بالتأجيرات العمومية، وإعداد مشاريع النصوص ذات الصبغة الجبائية والجمركية وتسهر على تنفيذ التشريع المتعلق بهذا الميدان.
كما تعد وزارة المالية مشاريع النصوص المتعلقة بحسابية الدولة والجماعات واتخاذ كل التدابير الضرورية لتطبقها، وتراقب المحاسبين العموميين، وتتولى بالتنسيق مع وزارة الداخلية الإشراف من الناحية المالية على الجماعات العمومية المحلية وتبدي رأيها بالخصوص في الشؤون البلدية أو الجهوية التي تكون لها تأثير من الناحية المالية .
وتتولى وزارة المالية التصرف في الخزينة العمومية، وبمتابعة موارد وحاجيات الخزينة وتوفير التوازن بينها وإصدار القروض وترويجها وإدارة شؤون الدين العمومي ذي الأمد القصير والمتوسط.
وهي أيضا مكلفة بتنفيذ أحكام مجلة استثمار الأموال فيما يخص الامتيازات الجبائية والمالية، وتشارك في الاشراف على البنوك والمنظمات المالية في نطاق التراتيب المتعلقة بالمهنة المصرفية.
تراقب وزارة المالية التصرّف في ميزانية الدولة وموازين المؤسسات العمومية والجماعات العمومية المحلية والشركات الوطنية والشركات ذات الاقتصاد المشترك وبصفة عامة المنظمات من كل نوع التي تطلب بصفة مباشرة أو غير مباشرة مساعدة الدولة أو إحدى الجماعات العمومية.
وزارة المالية مكلفة بمعية البنك المركزي التونسي بتسطير وتنفيذ السياسة التي تسلكها الدولة في الميدان النقدي وفي ميدان المالية الخارجية.
تعد وزارة المالية التشريع والتراتيب المتعلقة بالصرف بعد أخذ رأي البنك المركزي التونسي، وتشارك في إعداد وإبرام اتفاقات الدفع.
كما تتابع مع البنك المركزي تطور ميزان الدفوعات، وتشارك في إعداد الاتفاقات المالية وفي التفاوض بشأن القروض الاجنبية وضبط برامجها.
هذه مجرد نبذة عن المهام الموكلة لوزارة المالية، وفق ما جاء في موقعها الرسمي.
34 وزيرا تداولوا على رأس المالية
قبل الاستقلال، أشرف مدراء عامون فرنسيون على إدارة الشؤون المالية للبلاد التونسة، حينها، وكانوا يدعون بالمدراء العامون للمالية نذكر من بينهم بيار ماري دوبيان وول دوبوا تان وان غاستون فريسيه وهو آخر مدير عام للمالية في تونس قبل الاستقلال، شغل المنصب من سنة 1947 إلى سنة 1955.
تداول على وزارة المالية من سبتمبر 1955 إلى حدود أمس الأربعاء 5 فيفري 2025، أربعة وثلاثون وزير مالية .
الهادي نويرة كان أول وزير مالية لتونس بعد الاستقلال، في حكومة الطاهر بن عمار وشغل المنصب من 7 سبتمبر 1955 حتى 20 مارس 1956، وهو سياسي، محام واقتصادي، خلفه الباهي الأدغم، حيث كلفه الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية حينها لتولي هذه الحقيبة يوم 30 سبتمبر 1958، بقي على رأسها 4 أشهر ليغادرها في 30 ديسمبر 1958.
السياسي الباهي الأدغم عاد إلى الوزارة ذاتها بعد سنتين، (2 أوت 1960–4 أكتوبر 1960)، خلفا لأحمد المستيري وهو أيضا محام شغل المنصب من 30 ديسمبر 1958 إلى 2 أوت 1960.
تداول على هذا المنصب بعدها كل من الهادي خفشة (سياسي ومحامي) وأحمد بن صالح (سياسي ونقابي) وعبد الرزاق الرصاع (سياسي) ومحمد الفيتوري (سياسي ومحامي وشاعر) وعبد العزيز المطهري (اقتصادي) ومنصور معلى (سياسي، اقتصادي، ورجل أعمال ) وصالح بن مباركة ( سياسي وعمل بالشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين، والبنك المركزي التونسي) والرشيد سفر (سياسي) واسماعيل خليل (سياسي واقتصادي) والنوري الزرقاطي (سياسي، مهندس واقتصادي) ومحمد الغنوشي (سياسي) النوري الزرقاطي (سياسي، مهندس، واقتصادي) ومحمد الجريء (سياسي ورجل قانون) وتوفيق بكار (اقتصادي، وسياسي) ومنير جعيدان (سياسي) ومحمد رشيد كشيش (سياسي) رضا شلغوم وهو آخر وزير للمالية في تونس، قبل الثورة حيث تولى حقيبة المالية من 14 جانفي 2010 ليغادرها يوم 27 جانفي 2011.
وزراء المالية بعد الثورة..
بعد الثورة تداول على إدارة الوزارة 12 وزيرا، وهم جلول عياد (أول وزير للمالية بعد الثورة في حكومة الراحل الباجي قايد السبسي وهو ملحن وسياسي، ومصرفي). خلفه الراحل حسين الديماسي الذي غادرنا مؤخرا، حيث عينه رئيس الحكومة حينها حمادي الجبالي وغادرها في جويلية 2012، وهو سياسي واقتصادي ونقابي وأستاذ.
في جويلية 2012 عيّن رئيس الحكومة حينها علي العريض، الإقتصادي والجامعي سليم بسباس وزيرا للمالية، ليغادرها في مارس 2013.
السياسي والمهندس إلياس الفخفاخ خلف بسباس في الحكومة ذاتها، وأدار شؤون الوزارة من 19 ديسمبر 2012 إلى 29 جانفي 2014، قبل أن يتم تعيين السياسي الراحل سليم شاكر على رأسها (حكومة الحبيب الصيد) من 6 فيفري 2015 إلى 27 أوت 2016.
بعد ذلك عيّنت لمياء الزريبي وزيرة مالية، تقلدت المنصب من 27 أوت 2016 إلى 30 أفريل 2017، ليتم بعدها تعيين فاضل عبد الكافي كوزير مالية بالنيابة حتى سبتمبر 2017.
وفي 12 سبتمبر 2017 عيّن رئيس الحكومة يوسف الشاهد رضا شلغوم وزير المالية عائدا إليها من جديد، حيث شغل هذا المنصب قبل الثورة كما سبق وذكرنا ذلك.
وبعد تعيين إلياس فخاخ رئيسا للحكومة، تمّ تعيين نزار يعيش، وزيرا للمالية وشغل المنصب من 27 فيفري 2020 إلى 2 سبتمبر 2020، قبل أن يخلفه علي الكعلي (حكومة هشام المشيشي) حتى جويلية 2021.
وفي 11 أكتوبر 2021 عيّن رئيس الجمهورية قيس سعيد سهام البوغديري نمصية وزيرة للمالية (حكومة نجلاء بودن) لتشغل المنصب لأكثر من 4 سنوات، حيث تم إعفاؤها أمس الأربعاء 5 فيفري 2025، ومشكاة سلامة خلفا لها، وهي أول قاضية تتولى حقيبة المالية.
قاضية على رأس وزارة المالية
تعيين قاضية على رأس وزارة المالية قد لا يكون من باب الصدفة، إذا ربطنا تعيينها بالمنصب الذي كانت تشغله على رأس لجنة الصلح الجزائي وأسباب إعفاء الوزيرة السابقة سهام نمصية وعلاقة ذلك بملف الأملاك المصادرة وما يتخلّله من إشكاليات وصعوبات.
وفي هذا السياق، أدى رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة إلى وزارة المالية ومقر لجنة المصادرة بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، أمس الأربعاء، عبر خلالها عن استنكاره الشديد، لعدم تسجيل أي تقدم في هذا الملف بعد مضي 13 عاما من صدور تقرير لجنة المصادرة، لافتا إلى وجود تلاعب في التفويت في عديد المنقولات والعقارات والاملاك دون وجه حق ودون ثمنها الطبيعي.
وأكّد رئيس الدولة، في هذا الخصوص، على أنّ "الاموال التي تم التلاعب بها من حق الشعب التونسي وأنّه على كل مسؤول أن يتحمل مسؤولياته كاملة على المستوى المحلي والجهوي والمركزي".
*أميرة عكرمي