تداعيات قرارات ترامب على الأسواق.. تراجع الأسهم والنفط والعملات
شهدت الأسواق العالمية اليوم تقلبات حادة، متأثرةً بالإعلانات المفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات بلاده من العديد من الشركاء التجاريين، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي واليابان، مما أثار موجة من القلق بين المستثمرين وأدى إلى هبوط حاد في العديد من الأسواق المالية.
واحدة من أبرز التداعيات الفورية كانت تراجع قيمة الدولار الأمريكي، حيث هبط إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر.
البحث عن ملاذات آمنة
هذا الهبوط جاء في أعقاب انخفاض عائدات السندات الأمريكية، مما دفع العديد من المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، مثل السندات الحكومية والذهب والين الياباني.
وفقًا لرئيس أبحاث الاقتصاد الأمريكي في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أولو سونولا، فإن هذه التغيرات الاقتصادية يمكن أن تكون "تغييرًا جذريًا" ليس فقط للاقتصاد الأمريكي، ولكن أيضًا للاقتصاد العالمي. وعبر العديد من الخبراء عن مخاوفهم من أن الدول الكبرى قد تدخل في حالة ركود إذا استمرت التعريفات الجمركية لفترة طويلة.
أسواق النفط تتأثر بالتوقعات الاقتصادية السلبية
تراجعت أسعار النفط اليوم بشكل ملحوظ، مع انخفاض العقود الآجلة للخام الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" بنسبة 2.54%، ليصل سعر البرميل إلى 69.89 دولارًا، في حين هبطت العقود الآجلة للخام العالمي "برنت" بنسبة 2.43% إلى 73.13 دولارًا. ويعزو الخبراء هذا الانخفاض إلى القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما سيؤثر سلبًا على الطلب على النفط.
وفي هذا السياق، أكد ييب جون رونغ، استراتيجي السوق في "آي جي"، أن الأسواق تفاجأت من الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب، إذ كانت التوقعات تشير إلى رسوم أقل من تلك التي تم فرضها، مما يثير المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وفق ما نشرته وكالة رويترز.
على الرغم من أن البيت الأبيض قد أشار إلى أن واردات النفط والغاز والمنتجات المكررة معفاة من الرسوم الجمركية الجديدة، إلا أن السوق لا تزال تشعر بالقلق إزاء تأثير هذه التعريفات على الطلب العالمي.
أسواق الأسهم تتهاوى
الأسواق المالية العالمية لم تكن في أفضل حالاتها، حيث سجلت أسواق الأسهم الآسيوية تراجعات حادة بعد إعلان ترامب.
فقد انخفض مؤشر "نيكي 225" في طوكيو بنسبة تزيد عن 3.4%، مسجلاً أدنى مستوى له في 8 أشهر.
كذلك، تراجعت الأسهم في كوريا الجنوبية، حيث انخفض مؤشر "كوسبي" بنسبة 1.9%، في حين هبط مؤشر "إس آند بي إيه إس إكس 200" في أستراليا بنسبة 1.8%.
أما في الولايات المتحدة، فقد أظهرت العقود المستقبلية لمؤشر "إس آند بي 500" انخفاضًا بنسبة 3%، بينما تراجعت العقود المستقبلية لمؤشر "داو جونز" بنسبة 2%، مما ينذر بخسائر محتملة في بداية تداولات يوم الخميس.
الذهب والعملات المشفرة: صعود وهبوط في وقت واحد
من جهة أخرى، شهد الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجل عقود الذهب أعلى مستوى لها في التسوية الأخيرة، إذ صعدت الأسعار إلى أكثر من 3160 دولارًا للأونصة. ويعود هذا الارتفاع إلى زيادة الإقبال على المعدن الأصفر كملاذ آمن وسط المخاوف من التوترات التجارية.
في المقابل، تعرضت العملات المشفرة لتراجع حاد، حيث هبطت عملة البيتكوين بنسبة 3.8%، بينما تراجعت الإيثريوم بنسبة 4.36%، وسجلت سولانا انخفاضًا حادًا بنسبة 9.24%.
هذه الانخفاضات جاءت في ظل تصاعد المخاوف من تأثير الحرب التجارية العالمية على الأسواق المالية.
الأسواق العربية في مأزق
أما على المستوى العربي، فقد تأثرت أسواق الأسهم بشكل كبير بالقرارات الأمريكية، حيث هبطت السوق السعودية بنسبة 1.07%، في حين سجلت سوق دبي المالية انخفاضًا أكبر بلغ 1.85%.
كذلك، شهدت بورصة أبوظبي تراجعًا بنسبة 0.87%، وبورصة الكويت بنسبة 0.36%. وبالمثل، تراجعت أسواق عمان والبحرين ومسقط بنسبة تراوحت بين 0.56% و1.56%.
هل يهدد الركود الاقتصاد العالمي؟
تثير القرارات الأمريكية الجديدة مخاوف واسعة من أن التصعيد التجاري قد يؤدي إلى تباطؤ حاد في الاقتصاد العالمي، مما يضع مزيدًا من الضغوط على أسواق الطاقة والمستثمرين.
المحللون يتوقعون أن يؤدي هذا الصراع التجاري إلى تراجع حركة التجارة العالمية، ما سيؤثر بشكل كبير على استهلاك الطاقة ويضعف الطلب على النفط، في وقت حساس بالنسبة للاقتصادات التي تعتمد على الاستهلاك العالمي.
ولا شك أن هذه التقلبات في الأسواق تمثل علامة على التحديات التي قد تواجه الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة.
في الوقت الذي يترقب فيه الجميع تداعيات الحرب التجارية المستمرة، تظل أسواق المال والسلع على حافة الهاوية، مع احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود الشديد إذا استمرت هذه السياسات الحمائية لفترة أطول.
صلاح الدين كريمي