سعر الكليوغرام بعشرات الملايين.. 'ذهب أحمر' في مرتفعات القصرين
على تخوم الجزائر، حيث تُعانق الجبال السماء وتتنفس الأرض الحلم، يعتني "محمد" بنبتة الزعفران تحت أشعة الشمس الدافئة في جبال الحازة من ولاية القصرين، تلك الربوع المنسية، التي لا يربطها بالعالم سوى طريق مهترئة، وأمل عنيد لا ينطفئ بحلم بمستقبل أفضل.
وسط ضيعته البيولوجية، يبتسم محمد قائلاً: "الذهب الأحمر، الذي يفوق سعر الكيلوغرام منه عشرات ملايين المليمات، يخرج من أرض الحازة المعدمة. هنا، حيث ظن البعض أن الحياة توقّفت، ينبض الأمل من رحم التراب".
محمد هو الفلاّح الذي خاض تجربة فريدة تُعدّ الأولى من نوعها في زراعة الزعفران بالجهة، وتمكن من تحقيق نجاح لافت منذ السنوات الأولى للإنتاج.
يتنقّل بين الخطوط الدقيقة من الضيعة المخصّصة للزعفران، يُمعن النظر في كل التفاصيل بخبرة السنين، ويعلّق بثقة: "للزعفران فوائد صحية وغذائية كبيرة. الطلب متزايد هذا العام، وأدعو شباب الجهة للاستثمار في "الذهب الأحمر". المشروع لا يتطلب موارد ذاتية كبيرة، أو مجهودات مرهقة، لكنه يفتح أبوابا واسعة نحو مردودية ممتازة. كل ما هو بيولوجي يصنع الفارق اليوم."
وبعد أن رسّخ أقدامه في الزعفران، يستعد محمد لخوض غمار مشروع فلاحي جديد يتمثّل في غراسة "البَكّار"، في خطوة استراتيجية لتنويع النشاط الفلاحي والمراهنة على نبتة أخرى تتماشى مع جبال القصرين من حيث استهلاك المياه وملوحتها وطبيعة أرضها. يؤمن محمد أن "الأرض التي وهبته الزعفران قادرة أيضا على توفير محاصيل أخرى بنكهة بيولوجية عالية".
في الحازة، حيث تلاقي الريح العابرة الأرض العتيقة؛ فتُروى الحكايات، وتنسج الجبال سياجا حارسا على الحقول، كتب محمد فصلا مضيئا من قصة تجديد وتحدٍّ. لم يزرع الزعفران فحسب، بل زرع الثقة في التراب، وسقى الأرض بحلمه حتى أزهرت..
برهان اليحياوي