لا تُمسك دموعك.. للبكاء فوائد صحية ونفسية !
ترتبط الدموع غالبا بالحزن أو الضعف، لذا نُحاول في كثير من الأحيان حبسها، وكأنّها شيء يجب تجنّبه. ولكنّ الحقيقة هي أنّ للبكاء فوائد مذهلة. نعم، للبكاء منافع! ألمْ يسبق لك أن بكيت وشعرت براحة مفاجئة بعدها؟ هذا ليس مجرد إحساس عابر، بل هو نتيجة حقيقية لتأثير البكاء على جسمكَ وعقلكَ.
فكيف يُمكن للبكاء أن يكون مفيدا لصحتك ونفسيتك؟..
أكثر من مجرد ماء.. هل تعرف ما تحتويه دموعك؟
تُعرف الدموع علميا على أنّها مجموعة من السوائل، ولها طعم مالح ويتمّ إفرازها أو ذرفها من غدد دمعية موجودة في العين، وهي في الأصل ردة فعل على المشاعر التي يشعر بها الإنسان من فرح وحزن وألم.
وتركيبة الدموع التي توجد في العين منذ الولادة وطوال الحياة مُشابهة لتركيب اللعاب الذي يتكوَّن في الغالب من الماء. لا يُفرز الأطفال حديثو الولادة الدموع عندما يبكون لأن غددهم الدمعية لم تتطوَّر بشكل كامل، وبالتالي فإنهم يبكون دون دموع في الشهر الأول بعد ولادتهم.
بالإضافة إلى الماء، تحتوي الدموع على الملح والزيوت الدهنية والجلوكوز والليزوزيم، والأخير هو إنزيم يُفكك جدار الخلية الخاص بالبكتيريا، مما يُساعد على تطهير العين. كذلك تحتوي الدموع على مجموعة من المعادن والأملاح ذات الشحنة الكهربائية، وتوجد أيضا في الدم والبول والأنسجة وسوائل الجسم الأخرى، مثل الصوديوم والبيكربونات والكلوريد والبوتاسيوم وكميات صغيرة من المغنيسيوم والكالسيوم.

وبشكل عام، يُمكن تصنيف الدموع إلى ثلاثة أنواع:
• القاعدية / الأساسية: هي الدموع الطبيعية التي يتمّ إفرازها بشكل طبيعي وبكميات كبيرة وسريعة؛ حتى تحافظ على صحة وترطيب العين وحركة جفونها.
• اللإرادية / الاستجابية: هي دموع التهيّج وهذه تخرج عندما تتعرّض العين لمؤثّر أو مهيّج معين كالغبار، والدخان، أو الشوائب، أو حتى البصل.
• العاطفية: هي التي تخرج عند الشعور بالحزن أو الفرح، والنسبة الأكبر المقدّرة بحوالي 75% تكون عند الحزن، وما تبقى أيّ 25% تخرج عند الشعور بالفرح.
البكاء ليس ضعفا وله فوائده الصحية المدهشة
ومن تقليل التوتّر إلى تحسين المزاج وتطهير الجسم من السموم، تحمل دموعنا فوائد صحية أكثر من مجرد تعبير عن الحزن. وفقا لموقع "هيلث لاين" المتخصص في التغذية الصحية، فإنّ للبكاء العديد من الفوائد الصحية. ومع ذلك، من المهم أن ننتبه إلى أن البكاء المفرط أو غير القابل للتحكم قد يكون علامة على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى عناية.
وتُشير العديد من الدراسات إلى فوائد البكاء على صحة الجسم والعقل، ويعتبر الشعب الياباني من أكثر الشعوب إيماناً بأهمية البكاء وفوائده، وقد تطور اهتمامهم بالبكاء حيث يمارسون البكاء بشكل جماعي ضمن أندية خاصة للبكاء، حيث يعتقدون بأنهم بذلك يتخلصون من التوتر ويحافظون على صحتهم العقلية.
√ مهدئ للأعصاب: البكاء يساعدك في تهدئة نفسك وأعصابك من خلال التخلص من المشاعر المكبوتة بداخلك، وأهمها مشاعر التوتر والحزن.
√ تقليل الشعور بالألم: وجدت دراسات علمية مختلفة أنّه بسبب البكاء يُفرز الجسم هرموني الأوكسيتوسين والإندورفين اللذان يساعدان في التخلص من المشاعر السلبية. وأكّدت الدراسات أنّ المشاعر السلبية تشمل الجسدية والنفسية، وهذا يعني أن البكاء يساعد حقا في التقليل من مشاعر الألم.
√ تحسين مزاجك والتقليل من التوتّر: يُساعدك البكاء في تحسين مزاجك، وذلك من خلال إفراز هرمونات الأوكسيتوسين والإندورفين أيضًا، ولهذا يُطلق عليهم اسم هرمونات السعادة. في المقابل يعمل البكاء أيضًا على التقليل من التوتر، فعندما تبكي يتم إفراز هرمونات التوتر خارج الجسم، مما يقلل من مستوياتها في الجسم.

√ الحصول على المساعدة من الآخرين: عند البكاء تلاحظ أن من حولك يقدمون لك الدعم المناسب لك من أجل تخطي سبب البكاء. وأشارت دراسة نشرت في عام 2016 أن البكاء يعزز العلاقات الاجتماعية، الذي يساهم بدوره في تحسين الصحة النفسية.
√ المساعدة على النوم: توصّلت دراسة علمية نشرت في عام 2016 أن البكاء يُساعد الأطفال على النوم بشكل أسرع، وأشارت إلى أنّ ذلك قد ينطبق على البالغين أيضا. وفسّرت الدراسة ذلك بأنّ البكاء يُساعد في التخلص من مشاعر التوتر والسلبية وتحسين المزاج، الأمر الذي يساعدك على النوم بوقت أسرع.
√ تحسين الرؤية: بالأخص الدموع القاعدية التي تحافظ على العينين عند الرمش وتساعد في بقائهما رطبتين، هذا الأمر من شأنه أن يساهم في تحسين الرؤية أيضًا.
√ يساعد في تنظيف الأنف: واحدة من فوائد غير متوقعة للبكاء أنه يساعد على تنظيف الأنف. حيث ترتبط القنوات الدمعية في العين بشكل مباشر مع الأنف، وعند البكاء ذلك يُحفّز على دفع البكتيريا والأتربة إلى خارج الأنف والعينين في الوقت ذاته، مما يساهم في عملية تنظيف الأنف.
النساء يبكين أكثر من الرجال!
حسب عالم النفس الإكلينيكي آد فينغرهوتس الذي درس البكاء لأكثر من 30 عاما، فإنّ النساء يبكين أكثر من الرجال، بما يعادل نحو 2 إلى 5 مرات في الشهر مقارنة بالرجال الذين يبكون مرة واحدة أو أقل كل شهرين.
في الثمانينيات، وجد عالم الكيمياء الحيوية ويليام إتش فراي، أنّ النساء يبكين بمعدل 5.3 مرة شهريا، بينما يبكي الرجال بمعدل 1.3 مرة شهريا، ولا تزال هذه المعدلات كما كانت في السابق تقريبا.
فيما تشير الدراسات الأحدث، بما في ذلك التي قامت بها الباحثة لورين بيلسما، من جامعة بيتسبرغ، إلى أنه من الناحية البيولوجية، قد يكون هناك سبب لبكاء النساء أكثر من الرجال: قد يمنع هرمون التستوستيرون لدى الرجال البكاء، في حين أن هرمون البرولاكتين (الذي يظهر بمستويات أعلى لدى النساء) قد يعزز رغبتهن في الشعور بالبكاء.
ما هو تأثير البكاء على صحتنا؟ هل يمكن أن تكون له فوائد؟ / AJ+ عربي
حبس البُكاء قد يُعرّضك للجلطات والأزمات القلبية
وتُحذّر أستاذ علم النفس من أنّه عندما يضغط أي شخص على نفسه ولا يسمح لنفسه بالبكاء عند الشعور بالألم أو الحزن قد يتعرض لاضطرابات عديدة داخل جسده، خاصة الجهاز العصبي، ما يجعله أكثر عرضة للجلطات والأزمات القلبية بالاضافة للشعور الدائم بالصداع والإرهاق، بالاضافة لإضعاف الجهاز المناعي، وتعرض العين لبكتيريا نتيجة حبس تلك الدموع.
وبالتالي، قد يؤدّي حبس البكاء إلى العديد من الأضرار الصحية والنفسية التي تؤثر سلبًا على الشخص. فعندما نمنع أنفسنا من التعبير عن مشاعرنا، تتراكم العواطف المكبوتة، مما يزيد من مستويات التوتر والقلق ويعزز مشاعر الحزن واليأس، ما قد يؤدي إلى الاكتئاب أو القلق. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر سلبًا على التنفس، حيث يسبب شد العضلات في الصدر ويجعل التنفس أكثر ضيقًا.
وعلى المدى الطويل، قد يؤثر الكبت العاطفي على جهاز المناعة، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض. علاوة على ذلك، يؤدي حبس المشاعر إلى الشعور بالعزلة وفقدان الاتصال العاطفي مع الآخرين، مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية. لذلك، من المهم التعبير عن مشاعرنا بشكل صحي بدلاً من كبتها، إذ يساعد ذلك على تعزيز صحتنا النفسية والجسدية.
* أمل مناعي