البسيسة.. غذاء ودواء
في كلّ بيت تونسي، هناك شيء واحد لا يكاد يختفي مع مرور الزمن، كنز غذائي من الماضي يحمل معه حكمة أجدادنا، ربّما يكون مخزّنا في جرة فخارية أو وعاء زجاجي محكم الإغلاق. إنّه البسيسة، ذلك المسحوق الذي يجمع بين البساطة والفائدة، والمحبوب في كلّ الفصول.
فما سرّ هذه الوجبة؟ وما هي أهميتها الغذائية؟ وما الذي يجعلها خيارًا مثاليًا للسحور؟..
البسيسة.. أكلة الفقير والغني
البسيسة هي أكلة قديمة تمتد أصولها إلى العهدين الروماني والقرطاجي والبيزنطي، وتعدّ من الأطباق الشهيرة في تونس وليبيا والجزائر. وتتميز بأنّها أكلة الفقير والغني على حدّ سواء، حيث يكاد لا يخلو منها أيّ منزل.
وتتنوّع وصفات البسيسة من منطقة إلى أخرى، حسب رغبات الأفراد وما يتم إضافته لها من فواكه جافة أو مكونات أخرى. ويمكن أن تكون مصنوعة من طحين القمح، الشعير، الحمص، الدرع، أو حتى مزيج من هذه الحبوب.

وتتميّز مكونات البسيسة بالبساطة، وطريقة تحضيرها سهلة وسريعة. حيث يتم قلي الحبوب المتوفرة، والتي يرغب فيها المستهلك، ثم ترحى لتتحول إلى طحين، قد تضاف إليه بعض المواد الأخرى، كالتوابل والأعشاب أو السكر لتعزيز النكهة.
ويمكن تناول البسيسة بعدة طرق: إما كسائل عند خلطها بالماء، أو يمكن مزجها بالزيت أو حتى العسل لتصبح على شكل عجين. ويتم خلط الطحين مع زيت الزيتون، ويعتمد مقدار الزيت على الرغبة في إبراز نكهته. كما يمكن إضافة الماء حسب الرغبة للحصول على قوام مختلف: البعض يفضلها في شكل كرات متماسكة، بينما يفضل آخرون تناولها على شكل حساء أو مزيج سائل قليل التماسك، وتسمى في بعض المناطق "روينة".
البسيسة.. غذاء ودواء
تُعتبر البسيسة من أهم الأكلات التي يمكن الاعتماد عليها كمصدر مهم للبروتينات النباتية المتأتية من الحبوب. كما تحتوي على كمية مهمّة من الأملاح المعدنية والفيتامينات، بالإضافة إلى نسبة عالية من السكريات البطيئة الامتصاص فتصبح بذلك مصدرا مهما للطاقة التي تمد الجسم بالحيوية والنشاط.
وتُعتبر البسيسة بديلا صحيا للوجبات السريعة، باعتبارها وجبة طبيعية وخالية من المواد الحافظة، ويمكن تناولها بطريقة بسيطة وسريعة، مما يجعلها خيارا أفضل من الحلويات أو المأكولات المصنعة. إضافة إلى ذلك البسيسة:
← غنية بالعناصر الغذائية الأساسية: تُحضَّر البسيسة من مكونات طبيعية مثل القمح، الشعير، الحمص، والفول، مما يجعلها مصدرا غنيا بالبروتينات النباتية، الألياف، والفيتامينات. هذه التركيبة تساعد في تعزيز الصحة العامة وتوفير الطاقة اللازمة للجسم.

← تُعزّز صحة الجهاز الهضمي: بفضل احتوائها على نسبة عالية من الألياف، تساهم البسيسة في تحسين عملية الهضم والوقاية من الإمساك، مما يعزز صحة الجهاز الهضمي بشكل عام.
← مفيدة لمرضى السكري وضغط الدم: البسيسة قد تساعد في تعديل مستوى السكر في الدم وضغط الدم، مما يجعلها خيارا غذائيا مناسبا لمرضى السكري وارتفاع ضغط الدم.
← تعزيز النمو وعلاج فقر الدم: تُعتبر البسيسة فعّالة في علاج تأخر النمو عند الأطفال، كما أنها تساعد في مكافحة فقر الدم بفضل محتواها الغني بالحديد والبروتينات.
البسيسة في رمضان.. طاقة تدوم وشبع يطول
مع اقتراب موعد السحور، وبينما يحتار البعض في اختيار ما يمنحهم طاقة تدوم طويلا دون أن يثقل المعدة، تظهر البسيسة كخيار مثالي. ملعقة منها ممزوجة بزيت الزيتون أو العسل، كفيلة بأن تجعلك مستعدا ليوم صيام كامل.
فإذا كنت تبحث عن سحور يمنحك طاقة مستدامة دون الشعور بالجوع بعد ساعات قليلة، فالبسيسة مزيج متكامل من البروتينات والألياف والعناصر الغذائية الضرورية لجسمك، سيُساعدك في:
√ الحصول على طاقة تدوم طويلا: تحتوي البسيسة على مزيج متوازن من الكربوهيدرات والبروتينات، مما يمنح الجسم طاقة مستدامة، وهو ما يجعلها مثالية للسحور حتى لا تشعر بالجوع بسرعة أثناء الصيام.

√ غنية بالألياف، تعزز الشعور بالشبع: بفضل الحبوب الكاملة المستخدمة في تحضيرها، مثل القمح أو الشعير، تساعد البسيسة على إبطاء عملية الهضم، مما يجعلك تشعر بالشبع لفترة أطول ويمنع نوبات الجوع المفاجئة.
√ سهلة الهضم وخفيفة على المعدة: على عكس بعض الأطعمة الثقيلة التي تسبب الانتفاخ أو الحموضة، تعد البسيسة خيارًا خفيفًا على الجهاز الهضمي، خاصة إذا تم تناولها مع الحليب أو زيت الزيتون.
√ المحافظة على استقرار مستوى السكر في الدم:لأنها تحتوي على كربوهيدرات معقدة، فإنها تمنع ارتفاع مستوى السكر في الدم بسرعة، مما يساعد في تجنب الشعور بالإرهاق أو الدوخة أثناء الصيام.
أمل مناعي