الاخبار

ماذا يحدث لجسمك حين تتوّقف عن تناول السكر؟

ماذا يحدث لجسمك حين تتوّقف عن تناول السكر؟

داء السكري، هو مرض مزمن معقد يُصاب به المرء عندما لا يستطيع الجسم إنتاج ما يكفي من الأنسولين أو استخدامه بفعالية، ويحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الثاني إلى العلاج للحفاظ على مستويات الأنسولين والسكر في الدم تحت السيطرة.

والأنسولين هرمون يفرزه البنكرياس ويتحكم في كمية الجلوكوز في الدم. هذا الداء قد يتسبب في تدهور صحة القلب والأوعية الدموية والأعصاب وأعضاء أخرى إذا لم يُعالج.

داء السكري في تونس.. في أرقام

يشكو 15.5 بالمائة من التونسيين من داء السكري، وفقا لدراسة قامت بها وزارة الصحّة، في سنة 2024، وتصل في المناطق الحضرية إلى 20 بالمائة، وفق ما أكّدته الأستاذة المبرزة بالغدد الصماء والسكري بمستشفى شارل نيكول ابتسام بن ناصف، لموزاييك.

هذه النسبة مرجّحة للارتفاع مع حلول السنة القادمة (2026)، حيث تشير تقديرات وزارة الصحة إلى أنّ نسبة الإصابة بالسكري بين التونسيين قد تبلغ 26 بالمائة. كما تفيد الوزارة أنّ 50 بالمائة من حاملي داء السكري  'صنف 2'، لا يعرفون أنّهم مصابون به.


أما بالنسبة للأطفال، فقد تمّ رصد 1340 طفلا مريضا بالسكري من صنف 1، أيّ  بمعدل 250 حالة سنويا وذلك خلال بحث امتدّ على خمس سنوات  شمل المستشفيات العمومية دون احتساب القطاع الخاص، وفق تصريح للدكتورة ليلى الصدام، طبيبة أطفال مختصّة في معالجة السكري لدى الأطفال ورئيسة فرع أمراض الغدد التابع للجمعية التونسية للأطفال لموزاييك.

معدل انتشار هذا المرض في صفوف الأطفال دون خمس سنوات في تونس مرتفع ومؤشر خطير جدا وتكمن الخطورة في صعوبة الإحاطة بهاته الفئة، ما دفع وزارة الصحة إلى نشر بلاغ تحسيسي مؤخّرا، دعت الأمهات والأباء إلى حماية صحة أطفالهم، من مخاطر الاستهلاك المفرط للسكر خاصة في مرحلة الرضاعة.

هذه الأرقم المفزعة تحتّم تظافرا للجهود من أجل الحدّ من انتشار هذا الداء من خلال التقصي المبكر واتباع نظام غذائي صحّي وممارسة الأنشطة البدنية.

خطوة أولى في هذا الاتجاه، انتهجتها وزارة الصحة، حيث قامت منذ سنوات بإطلاق مشروع "توعية مرضى السكري عبر الهاتف الجوال" لفائدة مرضى السكري وعائلاتهم. ويتمثل البرنامج في إسداء نصائح في شكل رسائل نصية قصيرة يومية، مكتوبة بالعربية، والتي أنتجها خبراء في المجال.

هذه الخدمة وإن كانت قد ساهمت ربما في التوعية من مخاطر هذا الداء، لكنها للأسف لم تقدم النتائج المرجوة، حيث سجلت تونس ارتفاعا في عدد المرضى، بعد المشروع لا العكس.

عدّة عوامل تفسر ارتفاع عدد الاصابات، يقول المختصون، منها العوامل الوراثية والسمنة والنساء اللاتي تشتكين من تكلّس في المبيض، وطبعا العامل الأهم وهو تأثير نمط الحياة العصري والعادات الغذائية غير الصحية، باعتبار أنّ هذا الداء يهدّد الذين يعانون من ارتفاع الدهون في الجسم وارتفاع ضغط الدم.

أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري

بعيدا عن تونس، كشفت دراسة حديثة نشرت في "ذا لانسيت"، أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري، وهو ما يعادل ضعف ما توقعته تقييمات سابقة. كما أظهرت أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما لا يتلقون العلاج. وأشارت تقديرات سابقة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن معدل الإصابة بالسكري عالميا قد تضاعف منذ 1990 إذ ارتفع من 7% إلى 14%، ويرجع ذلك، إلى ارتفاع أعداد الحالات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.


ما السكر؟

السكر.. اسم يطلق على العديد من المواد التي تنتمي إلى عائلة الكربوهيدرات التي يجمعها طعمها الحلو، ويمكن تقسيم السكريات من حيث تركيبها الكيميائي إلى مجموعتين أساسيتين وهما السكريات الأحادية والسكريات الثنائية

السكريات الأحادية: تتكون السكريات الأحادية (Monosaccharides) من نوع واحد من السكر، وتعد أبسط أشكال الكربوهيدرات، مما يعني أنها غير قادرة على التحلل والتفكك لكربوهيدرات أصغر، وتتمثل أهميتها في كونها مصدر الطاقة الرئيسي في الجسم، بالإضافة لدورها الأساسي في تكوين الأحماض النووية، وتشمل:

الجلوكوز
يعد سكر الجلوكوز (Glucose) النوع الرئيسي من السكر في الدم، والمصدر الرئيسي للطاقة التي تحتاجها خلايا الجسم لأداء وظائفها الحيوية، ويتواجد الجلوكوز في أصناف عديدة من الأطعمة بما في ذلك الخبز والأرز والمعكرونة المصنوعة من الدقيق الأبيض، والحبوب الكاملة، والفواكه والخضروات، وسكر المائدة، كما يمكن تصنيعه في الجسم من خلال تحلل أنواع أخرى من السكريات.

ينتقل الجلوكوز إلى خلايا الجسم المختلفة عبر مجرى الدم، وهناك العديد من الهرمونات التي تنظم مستوياته وتحافظ عليها ضمن الحدود الطبيعية بما في ذلك الأنسولين.

الجلاكتوز
يتوفر سكر الجلاكتوز (Galactose) طبيعيًا في الحليب ومنتجات الألبان، ويتكون من العناصر ذاتها التي يتكون منها الجلوكوز، إلا أن ترتيبها مختلف، ويتميز بامتلاكه مستوى عالِ من الطاقة بين روابطه، والتي يتم تفكيكها بواسطة أنزيمات خاصة يصنعها الجسم.

الفركتوز
يعد سكر الفركتوز (بالإنجليزية: Fructose) الأحلى مذاقًا من أنواع السكريات الطبيعية، ويعرف باسم سكر الفواكه، والتي تعد المصدر الرئيسي له، كما أنه يتواجد طبيعيًا في الخضروات، والعسل، وقصب السكر، والشمندر، بالإضافة لذلك يمكن إنتاجه من نشا الذرة لاستخدامه كمحلي صناعي عالِ بالسعرات الحرارية.

لا يسبب الفركتوز ارتفاعًا في مستويات الجلوكوز في الدم كما هو الحال في السكريات الأخرى، ويعود ذلك لعدم حاجته للأنسولين أثناء عملية التمثيل الغذائي التي تجرى في الكبد 

السكريات الثنائية: يشار إلى السكريات التي تتكون من نوعين من السكريات الأحادية بالسكريات الثنائية (Disaccharides)، وتضم الأنواع الفرعية التالية:

اللاكتوز
يعرف سكر اللاكتوز (Lactose) بسكر الحليب، ويتكون من جزيء واحد من الجلاكتوز وجزيء واحد من الجلوكوز، ويتواجد طبيعًا في الحليب ومنتجات الألبان، ويبرز دوره الأساسي في إنتاج حمض اللاكتيك (Lactic Acid)؛ والذي يعد ضروريًا لعملية التخمير اللازمة لتصنيع الزبادي والجبن.

يتفكك سكر اللاكتوز بواسطة إنزيم اللاكتيز (Lactase) إلى مكوناته الأساسية وهي الجلوكوز والجلاكتوز، وذلك ليتمكن الجسم من امتصاصه والاستفادة منه، وفي حال غياب هذا الإنزيم فإن الشخص يصبح غير قادر على تحليل اللاكتوز، مما يعني أنه قد يكون مصابًا بحالة صحية تسمى عدم تحمل اللاكتوز (Lactose Intolerance)

المالتوز
يتكون سكر المالتوز (Maltose) من جزيئين من الجلوكوز، ويوجد طبيعيًا في دبس السكر، والحبوب المنبتة التي تقوم بتكسير النشا لمساعدتها على النمو والإنبات، وعادةً ما يستخدم هذا النوع من السكريات الثنائية في عملية التخمير.

السكروز
يتكون سكر السكروز (Sucrose) من جزء واحد من الجلوكوز وجزء واحد من الفركتوز، ويعرف أيضًا بسكر المائدة، ويتواجد طبيعيًا في النباتات مثل الفواكه، والخضروات، وكذلك المكسرات، كما يمكن إنتاجه صناعيًا من قصب السكر والشمندر.

خدعوك فقالوا.. السكر البني أفضل من الأبيض

منذ سنوات، ظهرت 'خدعة' إذا صحّت التسمية، مفادها أن السكر البني أفضل من السكر الابيض ويصلح كمعوض له خاصة لمن يتبعون الحمياتّ، ليُدرج السكر البنى فى قوائم الأغذية الصحية!
 
''النوعان مصدرهما واحد وهو قصب السكر، حيث تتم إضافة المياه لإذابة واستخلاص السكريات من قصب السكر، ثم تؤخذ هذه الخلاصة، ويتم تبخيرها تحت ضغط منخفض ودرجات حرارة أقل من الغليان قليلاً لتبخير الماء ويتحول إلى قوام بني غامق وهذا ما يطلق عليه السكر البني'' يقول الدكتور خالد مصيلحى أستاذ ورئيس قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة جامعة مصر الدولية، ويضيف: ''أما السكر الأبيض فيتم الحصول عليه بإعادة إذابة السكر البني فى الماء مرات عديدة، فيأخذ اللون الأبيض''.

وتابع: "يتضح من طريقة التصنيع أن كلا النوعين من السكر لا يوجد فرق بينهما كمصدر للسعرات الحرارية، فكلاهما يحتوي على نفس القدر من السعرات فكل غرام منهما يحتوي على حوالي 4 كالوري، ولو قل السكر البني أو الخام عن الأبيض، فهو يقل بكمية ضئيلة جدًا لا تذكر، ومن هنا تكمن الخطورة أن يتعامل المستهلك مع السكر البني كأنه بديل لسكر الأبيض ويناول كميات كبيرة منه تعرضه لمخاطر صحية جسيمة''.

فماذا يحدث عندما تتوقّف عن تناول السكر؟

تقول الأبحاث والدراسات إنّ أعراض انسحاب بسيطة تظهر عن التوقف المفاجئ عن أكل السكر، وجميعها نفسية، كالاكتئاب، الشعور بالإحباط، تدني الحالة المزاجية، القلق، العصبية، التغييرات في أنماط النوم، صعوبة في التركيز، والرغبة الملحة في تناول السكر.

أما الأعراض الجسدية فتتلخّص في الخمول والتعب والإنهاك الجسدي، الصداع، وهو من الأعراض الأكثر شيوعًا، الدوار، الغثيان والشعور بالتنميل والوخز. وتزول هذه الأعراض بشكل تدريجي خلال مدة قصيرة.

أما بالنسبة لسؤال ماذا قد يحدث للجسم عند التوقف عن تناول السكر تماما فإن النتائج متعددة وكلها إيجابية.

20 دقيقة بعد التوقف عن تناول السكر: يؤكد  موقع "بيردي" المتخصص في شؤون الصحة، أن تناول السكر كالإدمان، يقودك للاستمرار في طلب المزيد منه من دون توقف، لذلك بعد وجبتك الأولى الخالية من السكر، ستشعر بإشباع عال ولن تشتهي التحلية التي تأتي بعد الوجبة.

بعد ساعة: ستستمر بالشعور بالشبع بعد ساعة من الوجبة الأولى، وغالبا سوف تشعر بالحيوية والنشاط، ومن المستبعد أن تشعر بالرغبة للحصول على حلوى.

بعد يوم من التوقف: تقول الخبيرة الغذائية لورين أوكونور، إنه بعد قضاء يوم كامل من دون تناول السكر، سيبدأ الشخص بالرغبة بتناول الطعام الغني بعناصر مفيدة، مثل الألياف والدهون التي كان يستبدلها السكر في الجسم.

بعد 3 أيام: تشير أوكونور إلى أن اليوم الثالث هو أول الأيام الصعبة، فترك السكر قد يبدأ بالتأثير على مزاج الشخص وقد يؤدي للاكتئاب في بعض الأحيان.

بعد أسبوع: بعد أسبوع من التوقف عن الطعام المسكر، ستبدأ بالشعور بمزاج جيد وستتحسن صحتك كثيرا، وستكون قادرا عن بذل جهد أكبر من ذي قبل.

بعد شهر من التوقف: تختفي رغبتك بتناول الحلويات والسكريات تماما بعد شهر من الامتناع عن السكر، وقد تواجه رغبة غير متوقعة بتناول الخضراوات والمأكولات الغنية بالبروتين، وفقا لأوكونور.

هذا ما يحدث لجسمك عندما تترك تناول السكر تماما

ترك تناول السكر تماما يرافقه تحسن في ليونة الجلد وسلامته، انتظام مستويات سكر الدم، تقليل خطر تسوس الأسنان، تقليل مستويات الالتهاب في الجسم، تحسن في حركة الأمعاء، تحسن في وظائف الكبد والكلى، الحصول على بشرة شابة ونضرة وانخفاض معدل السعرات الحرارية اليومية، والذي قد يؤدي إلى فقدان الوزن الزائد.

الحفاظ على صحة القلب: لقد تبين أن تقليل تناول السكر يساعد على خفض ضغط الدم، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

الحصول على بشرة شابة ونضرة: إن ارتفاع مستويات السكر في الدم يعيق من عملية ترميم كولاجين البشرة، وهو بروتين يجعل البشرة تبدو ممتلئة.

كما أن النظام الغذائي المليء بالحلويات يؤدي أيضًا إلى تقليل مرونة البشرة، وظهور التجاعيد في وقت مبكر. كما أن تقليل تناول السكر يمكن أن يقلل من ترهلات البشرة وعلامات الشيخوخة المرئية الأخرى.

التمتع بالنشاط: بالرغم من أن تناول السكر يمد الجسم بالطاقة اللازمة بشكل سريع وذلك لأنه سريع الهضم، لكن سرعان ما تزول هذه الطاقة مما يؤدي إلى الشعور بالخمول والكسل، لكن عند التزامك بالأطعمة منخفضة السكر فإنها تزودك بالغلوكوز بشكل بطيء وثابت، لذا ستشعر بتدفق مستمر من الطاقة طوال اليوم.

فقدان الوزن والتخلص من دهون البطن: تؤدي الأطعمة السكرية إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، مما يزيد من تدفق الأنسولين عبر الجسم، والذي بدوره يساهم في تراكم الدهون حول منطقة البطن مع مرور الوقت، كما يمكن أن يؤدي إلى زيادة تخزين السعرات الحرارية في جميع أنحاء الجسم.

تقليل خطر الإصابة بمرض السكري: إن تجنب الوزن الزائد عن طريق تقليل تناول السكر يساهم في حمايتك من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

كما أن الإفراط في تناول السكر يؤدي إلى إفراز الأنسولين بكمية كبيرة أيضًا، مما قد يساهم في إرهاق خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين فتختل وظيفتها، مما يسبب الإصابة بمرض السكري في نهاية المطاف.


بعد ترك السكر وظهور الأعراض، متى يجب زيارة الطبيب؟

أجمعت الدراسات والبحوث حول العالم أنّه لا يوجد أضرار صحية ناتجة عن الامتناع عن تناول السكر المُضاف، إذ يعد قرار التقليل من كميات السكر المضاف قرارًا في غاية الأهمية والصحة للجسم.

لكن عند الامتناع عن السكريات قد تظهر بعض من الأعراض تستدعي الزيارة الفورية للطبيب ومنها الآتي، الدوار، الارتباك أو صعوبة في التركيز الشديد، فقدان التوازن، اضطراب نبضات القلب، عدم القدرة على الأكل أو الشرب وفقدان الوعي.

نصائح هامة للحدّ من أعراض الامتناع عن السكر

يمكن الحدّ من أعراض الامتناع عن السكر باتباع مجموعة النصائح على غرار التدرج في الامتناع عن السكريات المضافة وتجنب الامتناع المفاجئ واستبدال السكريات المضافة والمشروبات المحلاة بمصادر السكريات الطبيعية مثل الفواكه، الحليب، والعسل.

كما يعد تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية والبروتين عند زيادة الرغبة بتناول المزيد من السكريات المضافة، مهم جدا، إلى جانب التزام بقراءة الملصقات قبل شراء الأطعمة والمشروبات للتأكد من المكونات.

وفي بداية رحلة ترك السكريات، من المفيد شرب كميات كافية من الماء والسوائل مما يحد من الرغبة بتناول السكريات إلى جانب أخذ قسط كافي من النوم الحرص على الاسترخاء.

*أميرة عكرمي

شارك: