الاخبار

الفيلق 61 هندسة بمنزل جميل: ''الدّائسون على الموت''

الفيلق 61 هندسة بمنزل جميل: ''الدّائسون على الموت''

تخيل للحظات أنك تسير حذرا في أحد المسالك الوعرة، ودست حجرا صغيرا وحال تجاوزته بثواني ووطأت قدم رفيقك الذي وراءك المكان نفسه، انفجرت ساقه وتناثرت أشلاء.. أو تخيل أنك منبطح بشكل كامل على بطنك، وجهك إلى أديم الأرض، وأنت تداعب بأناملك ببطء شديد رملا جافا بحثا عن لغم غير تقليدي الصنع التقطت أجهزة كشف الألغام مكانه. وعليك أن تلامس حبات التراب التي تغطيه بكل لطف العالم الذي تملكه.. حتى لا ينفجر في وجهك. تخيّل أنك تنقل خطاك حذرا وتدرس موطئ قدمك في كل خطوة، فيلامس رأسك خيطا رفيعا يربط بين أغصان الأشجار المتشابكة، وتكون تلك نهايتك ونهاية من معك.

هذا ليس خيالا ولا فلما هوليوديا، بل هو اليومي المعاش للفيلق 61 هندسة التابع للثكنة العسكرية بمنزل جميل من ولاية بنزرت. 


زرنا وفدا صحفيا أمس الأربعاء الثكنة، في يوم عاصف وممطر، ولم تثن عوامل الطقس الضباط والمشرفين من إتمام البرنامج الكامل للزيارة. استقبلنا العقيد فتحي عمار، آمر الفيلق 61 هندسة التابع للثكنة العسكرية بمنزل جميل، الذي قدم لنا المكان واختصاص أفراده، وأعلمنا بإحداث مركز الإمتياز في مجال نزع الألغام والتعامل مع الأجسام المشبوهة منذ 2015، والذي مكّن إحداثه من توجيه وتكوين وتدريب أفراد الفيلق 61 هندسة، وبإنشائه أُنقذت أرواح كثيرة وتجنبنا خسائر في صفوف القوات المسلحة الوطنية.


وقد تمت بفضل المركز، وضمن المهام المنجزة من قبل هذا الفيلق، إزالة وتحطيم الألغام المزروعة بالجنوب التونسي وتطهير مساحة 40 هكتارا. كما سهّل تخصص الفيلق ودربة أفراده وتدربهم المتواصل على الميدان، من كشف الألغام غير التقليدية ويدوية الصنع التي يزرعها الإرهابيون في الجبال والمرتفعات بمختلف أنواعها، بعد أن كان الأمر صعبا نظرا إلى تركيبتها المعقدة وطرق ساكني الجحور المختلفة في زرعها وتفخيخ مسالك الجبال بها.  ولم تخل الزيارة من عرض لعملية بيضاء تدخلت فيها وحدات الفيلق لإنقاذ مصاب في هجوم بمادة كيميائية على مباراة كرة قدم، وتم التعامل مع المصاب وتطهيره من المواد العالقة به، إضافة إلى تطهير سيارة الإسعاف التي نقلته، من طرف مدربين على ذلك، وفي خيمة خصصت لهذه العمليات، ''من صنع تونسي تونسي". 


كما تم خلال تمرين ميداني التعامل مع جسم مشبوه وضعه إرهابيون في أحد المناطق الحساسة، واستعمل ''روبوت" متطور للاستطلاع ونقل جسم مشبوه للتمكن من كشف محتوياته. كما تم الكشف والتقصي عن ألغام أرضية، في محاكاة لما يحدث في جبل الشعانبي، والتعامل مع المواد المتفجرة عبر آلات كشف المتفجرات والألغام. 

 

 

وإضافة إلى الألغام والمتفجرات، يعمل الفيلق 61 هندسة في مجال كشف وإزالة التلوث والتعامل مع الهجوم الكيميائي. كما يتولى الفيلق، في إطار المهام العامة، "نجدة المواطنين عند الكوارث الطبيعية والمساهمة في عمليات حفظ النظام والمشاركة في مهام حفظ السلام".


كما يقوم الفيلق 61 هندسة، بالتكوين في مجالات الهندسة لفائدة الضباط وضباط الصف والجنود عبر تمكينهم المستمر من المعارف والمهارات العسكرية. ليس هذا فحسب، إذ يتولى الفيلق أيضا في إطار اتفاقية بين وزارة الدفاع الوطني ووزارة التجهيز، بناء الجسور وصيانتها، إضافة عن المساهمة في بناء الساتر الترابي والخندق بالجنوب التونسي. فمركز التدريب الميداني في مجالي التجسير والعبور مختص في صيانة الجسور الموجودة في كامل تراب الجمهورية أو إقامة جسور جديدة عند الحاجة إليها..

عمل صحفي: أمل الهذيلي

تصوير ومونتاج: صبرين درويش

شارك: