منصة الأدوية: خطوة نحو الشفافية والحوكمة.. ومراقبة مسالك التوزيع
أطلقت وزارة الصحة مؤخرا منصة الرقمنة الإدارية للوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، وهو مشروع من إعداد كفاءات تونسية، شارك فيه أكثر من 100 خبير ومختص من مختلف الهياكل، مع تدريب مهنيين وصناعيين في قطاع الصيدلة لضمان نجاح الرقمنة الشاملة.
أهداف المنصة
نظرا لأهمية قطاع الأدوية في تونس، تم إطلاق المنصة حرصا على حسن تنظيم القطاع وتطويره إضافة إلى التّحكم في السوق والسهر على حسن استهلاك الأدوية داخل المؤسسات العمومية مع وضع حد لنزيف التهريب.
وأبرز أهداف المنصة أيضا، تسريع الإجراءات من خلال إصدار تأشيرات الأدوية ورخص الترويج (AMM) بوتيرة أسرع، إضافة إلى تقريب الخدمات من المواطنين عبر إرساء منظومة الخدمات الإدارية الرقمية وذلك بالتسجيل وتقديم الرخص عن بعد.
كما تدعم هذه المنصة الاستثمار من خلال جذب الاستثمارات وتسهيل عمليات التصنيع والاستيراد.
وتهدف أيضا إلى تبسيط الإجراءات ودعم الترابط البيني بين الإدارات المتداخلة في قطاع الصيدلية مع تحديث القوانين لتواكب التطورات العالمية.

أي دور للمنصة في مراقبة مسالك توزيع الأدوية؟
تعزز المنصة الجديدة الشفافية عبر حوكمة مسار الأدوية من الإنتاج إلى الاستهلاك، وهي خطوة ناجعة لمراقبة مسالك التوزيع خاصة أمام تفاقم ظاهرة بيع الأدوية والمواد الصيدلانية مجهولة المصدر بصفة مباشرة عبر المنصات وشبكات التواصل الاجتماعي، في خرق واضح للقانون وخارج المسالك الخاضعة للرقابة.
وتُعد هذه المنصة الرقمية نقلة نوعية في حوكمة قطاع الدواء وتعزيز الأمن الصحي الوطني، وستسهل تسجيل الأدوية الجديدة ومتابعتها مع تحديد نوعية الأدوية التي تصنعها تونس وتصدرها.
وبإمكان وزارة الصحة متابعة مسار الدواء عبر رقم سلسلته وذلك من المنتج إلى التسويق وصولا إلى المواطن، وهو إجراء سيمكن من حسن التصرف في المنظومة وحوكمة القطاع أكثر، كما أنه كفيل بوقف نزيف تهريب الأدوية.
هل ستضع المنصة حدا لمشكل نقص الأدوية؟
تتكون السوق الدوائية في تونس من قطاعين، الأول قطاع أدوية المستشفيات التي تحتل فيه الصناعة المحلية الصدارة من حيث الحجم وتختص الصيدلية المركزية دون غيرها في توزيع مواده على الهيئات الاستشفائية العمومية.
أما القطاع الثاني فيكمن في قطاع أدوية الصيدليات الخاصة والذي توفر فيه الصناعة المحلية أكثر من 70% من الكميات الموزعة ويختصر اختصاص الصيدلية المركزية في توزيع المواد الموردة على شركات توزيع الأدوية بالجملة.

وتملك تونس القدرة على تغطية نسبة كبيرة من احتياجاتها من الأدوية بفضل الصناعات الصيدلية، وهو دليل على نجاحها. ويتم استبدال الأدوية الأصلية بأخرى جنيسة تتمتع بالجودة والفاعلية ذاتها للدواء الأصلي.
ومن شأن الرقمنة الإدارية للوكالة الوطنية للدواء الحد من مشكل نقص الأدوية وذلك بفضل متابعة مسار الأدوية من الإنتاج إلى الاستهلاك، وحصر أنواع الأدوية المنقوصة من خلال ترقيمها التسلسلي للعمل على توفيرها.
فوضعية الأدوية في تونس تحسنت في الفترة الأخيرة مقارنة بالأعوام السابقة، لكنها مازالت تواجه بعض الإشكاليات، وفق تصريح سابق لآمنة عباس، الكاتبة العامة المساعد للنقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة.

وبينت أن الإشكال الأساسي يكمن في زيادة الطلب على الأدوية مقارنة بالعرض، فضلاً عن غلاء الدواء الفعّال الذي يأتي غالبًا من الدول الآسيوية، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة النقل والتوريد.
كما تحدثت عباس عن اشكال في الثقة تخص الأدوية الجنيسة المصنوعة محليا للمواطن التونسي الذي يصر غالبا على الحصول على الدواء المستورد الذي يعاني نقصا في توفيره.
ثمّن وزير الصحة مصطفى الفرجاني مشروع رقمنة الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية، معتبرا أن تونس دخلت مطاف الدول المتقدمة في مجال تصنيع الأدوية وفي مجال الرقمنة، التي من شأنها أن تسهل عملية تسجيل الأدوية ومتابعتها بهدف مراقبة المخزون الدوائي في البلاد وتبسيط الإجراءات لتوفير حاجيات المواطن التونسي من الأدوية.
ودعا إلى ضرورة مراجعة الإجراءات من أجل تحقيق نجاعة أفضل في قطاع الأدوية وتبسيط الإجراءات ومراقبة مساراته من المصدر إلى المواطن قصد التصدي للتهريب والأسواق الموازية، مشيدا في هذا الخصوص بمكانة تونس في مجال الصناعات الدوائية وتصديرها.

رقمنة وكالة الأدوية جزء من مشروع لحوكمة القطاع
ويعتبر الإعلان عن تطوير النظام المعلوماتي للوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة حدثا بالغ الأهمية، حيث كان الانطلاق في تنفيذ المشروع أواخر سنة 2020 ويضم 3 مكونات أساسية تتمثل أولا في رقمنة قطاع الأدوية والصيدلة في تونس وثانيا تطوير النظام القانوني والترتيبي المنظم لقطاع الصحة من أجل تعزيز الحوكمة الرشيدة وثالثا الاشتغال على مؤسسات وبرامج التكوين وتطويرها .
ويضم هذا النظام ثلاث مكونات، وهي البوابة الموحدة للوكالة والملف الرقمي التقني الموحد الذي سيمكن من التسريع في تسجيل الأدوية الجديدة ومعالجة رخص ترويج الأدوية في السوق التونسية والمكون الثالث يتمثل في رقمنة كل المسارات المتعلقة بالخدمات التي تسديها الوكالة الوطنية للأدوية ورقمنة العمل داخلها من أجل مزيد من الشفافية.
وباعتبار أن الرقمنة المحرك الرئيسي للمنظومة الصحية، تعمل وزارة الصحة على دعم الملف وتطويره حيث بلغت نسبة رقمنة الملفات الطبية بجميع المستشفيات 95 بالمائة في انتظار استكمال رقمنة المستشفيات المحلية من أجل تحسين جودة الخدمات الصحية.