فاضل الجزيري يكشف أسرار نجاح عرض 'النوبة' 1991
قدّم المخرج المسرحي فاضل الجزيري في برنامج Culture plus، تفاصيل حول أسرار نجاح العرض التاريخي "النوبة" سنة 1991، مؤكّدًا على أنّ التميّز لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بفضل العمل الدؤوب والانضباط الفني الصارم.
"مهمتي كانت خلق الجمالية"
يرى الجزيري أنّ دوره في "النوبة" لم يكن مجرد إخراج عرض موسيقي، بل كان بمثابة جسر مختزل بين جميع الفنانين المشاركين، من مطربين وعازفين وراقصين، ليخلق توليفة متجانسة تحمل طابعًا جماليًا خاصًا. كان التحدي الأكبر، وفق تصريحه، هو كيفية صهر هذه المواهب في رؤية فنية واحدة، دون أن يفقد كل عنصر هويته الخاصة.
ثمانية أسابيع من التحضيرات لصنع تجربة موسيقية مسرحية فريدة
لم يأتِ التناسق الذي ظهر في "النوبة" بين ليلة وضحاها، بل كان ثمرة ثمانية أسابيع من التمارين المكثفة، حيث تمّ الاشتغال على كلّ التفاصيل، من الإيقاعات إلى الأداء الركحي. يعلّق الجزيري قائلاً: "العمل ثم العمل... هو مفتاح كل نجاح"، في إشارة إلى الانضباط الذي فرضه على الفريق لتحقيق النتيجة النهائية.
إسماعيل الحطاب: "أحنا نتعلّموا منه مش نقريوه"
عند الحديث عن الأصوات التي صنعت "النوبة"، توقّف الجزيري عند الفنّان البدوي إسماعيل الحطاب، الذي يعتبره مرجعًا فنيًا لا يمكن تعويضه. يقول عنه: "بالنسبة لي، وزنه في الفن الشعبي هو وزن أم كلثوم في الطرب العربي... أحنا نتعلموا من إسماعيل، مش نقريوه". هذا التصريح يكشف عن المكانة الاستثنائية التي كان يحظى بها الحطّاب في المشروع، حيث مثّل صوته أحد الركائز الأساسية في العرض.
الهادي حبوبة: "يشطح بلا تخنّث"
لم يخفِ الجزيري إعجابه بشخصية الهادي حبوبة الفنية، واصفًا إياه بأنه "مبدع، شخصية غريبة، صوته أحرش، يشطح قوي بلا تخنّث". كان حبوبة من بين الأسماء التي أضفت طاقة استثنائية على الركح، حيث مثّل أسلوبه في الأداء نوعًا من التحرّر الذي أرادت "النوبة" أن تجسّده.
فاطمة بوساحة: "قوة وطاقة لا تُنسى"
في حديثه عن الأسماء النسائية التي شاركت في "النوبة"، استحضر الجزيري فاطمة بوساحة، التي كانت بالنسبة له طاقة متفجرة على الركح، قائلاً: "الله يرحمها، كانت امرأة متميّزة، قوة وطاقة لا تُنسى".
فتحي الهداوي هو الجسر نحو سمير العقربي
كشف الجزيري أنّ الممثل فتحي الهداوي كان هو الشخص الذي قدّم إليه الفنّان سمير العقربي، مما مهد لولادة "النوبة". يقول في هذا السياق: "فتحي هو اللي قدّم لي سمير العقربي، ومن هناك انطلقت الشراكة اللي صنعت النوبة". كما أشار إلى أنّ الهداوي عمل معه لاحقًا في أعمال أخرى، منها "عرب" و"العوادة"، مؤكدًا على أنّ لديه "طاقة إبداعية مصقولة ويفهم في أبجديات المسرح".
"النوبة"... مشروع فني استثنائي
تصريحات فاضل الجزيري تكشف أنّ "النوبة" لم يكن مجرد عرض موسيقي، بل رهانًا فنّيًا على إحياء التراث الشعبي برؤية حديثة، قائمًا على انضباط صارم في التمارين، ومزجٍ دقيق بين الأصوات والإيقاعات، مع إعطاء كلّ فنان دوره الطبيعي دون تصنّع. وبعد أكثر من ثلاثة عقود، لا يزال هذا العمل شاهدًا على قوة الفن الشعبي التونسي، وقدرته على التحرّر من قيود الماضي ليصبح جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي.