فينيسيوس جونيور.. مراوغ جَسور أصبح رمزاً لمكافحة العنصرية
في غضون موسمين، أصبح البرازيلي فينيسيوس جونيور أحد أفضل المهاجمين في العالم، بيد أن لاعب ريال مدريد أصبح أيضاً، ورغماً عنه، شخصية أساسية لمكافحة العنصرية في ملاعب كرة القدم الإسبانية.
“أسود ومهيب”، هكذا علّق اللاعب الشاب ليل الإثنين- الثلاثاء على صورة تمثال المسيح في ريو دي جانيرو من دون أضواء كاشفة، تعبيراً عن دعم النجم الصاعد “لكن أتمنى قبل شيء إلقاء الضوء على كفاحنا”.
من خلال مراوغاته المتمايلة وسرعته الجَسورة، نجح فينيسيوس جوزيه بايشاو دي أوليفيرا جونيور، بأن يصبح “اللاعب الأكثر نجاعة في العالم”، بحسب مدرّبه الإيطالي كارلو أنشيلوتي، ليكسب قلوب مشجعي ناديه ريال مدريد.
لكن تلاعبه السهل بالكرة لا يروق لكثيرين. في كل مباراة، يحاول جمهور الفريق الخصم زعزعة استقراره بشتى الوسائل، وأحياناً يجرؤون على الأسوأ: الإهانات العنصرية.
وقع ابن الثانية والعشرين ضحية لإهانات من كافة العيارات اللفظية، خصوصاً العنصرية، خلال خسارة فريقه على أرض فالنسيا في المرحلة 35 من الليغا. أحداث تصدّرت العناوين في إسبانيا، حيث ارتفعت وتيرة الحالات العنصرية في الملاعب منذ عدة سنوات، دون اتخاذ عقوبات حقيقية بحق الجناة.
موهبة مبكرة
قبل أن يصبح رمزاً لمكافحة العنصرية، أسال فينيسيوس الحبر بسبب موهبته الكروية.
بزغ نجمه في البرازيل أولاً. وُلد في ساو غونسالو في ولاية ريو دي جانيرو، وتفجّرت موهبته باكراً، ليصبح بعمر السادسة عشرة أصغر لاعب يحمل ألوان فلامنغو.
ضمّه ريال مدريد في 2018 مقابل 50 مليون دولار، فوصل محاطاً بهالة اللاعبين البرازيليين الباحثين عن المجد في القارة العجوز.
بعد ثلاثة مواسم اكتفى فيها بتسجيل 14 هدفاً في 118 ظهوراً، ضرب “فيني” بقوّة في موسم 2021-2022 مسجّلاً 22 هدفاً، بينها هدف الفوز على ليفربول الإنكليزي الذي منح الفريق الأبيض لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الرابعة عشرة في تاريخه. وفي الموسم الحالي، وصل عدّاد أهدافه إلى الرقم 23.
قال زميله الظهير داني كارفاخال في أيار/مايو الماضي: “عندما وصل، كان يتعرّض لضغوط رهيبة. لكن أن ترتقي إلى أحد أفضل ثلاثة أو أربعة لاعبين في العالم رغم كل تلك الضغوط، فهذا أمر نادر”.
فينيسيوس هو الضحية
صَمَّ البرازيلي أذنيه رغم انتقادات جمهور فريقه أو حتى زميله المهاجم الفرنسي كريم بن زيمة، واستمرّ في العمل بصمت. خلال مرحلة صعوده، تحوّل مسار الانتقادات إلى جماهير خصومه. تضاعفت ووصلت إلى حد الإهانات.
قدّمت رابطة الدوري هذا الموسم ثماني شكاوى في أحداث عنصرية تجاه البرازيلي. لم تؤد أي منها إلى عقوبات جزائية.
رفع فينسيوس الصوت في عدّة مناسبات، مندّداً بتقاعس الجهات المختصة، ما وضعه في مواجهة شرسة مع مسؤولي الكرة الإسبانية وخصوصاً الرئيس الجدلي لرابطة الدوري خافيير تيباس.
دافع عنه مدربه أنشيلوتي: “أسمع أحياناً ان فينيسيوس مستفز، وعن سلوكه… كلا. فلتكن الأمور واضحة: فينيسيوس هو الضحية وليس مذنباً”.
من “نو خويغو ماس” (لن ألعب أبداً) التي قالها الكاميروني صامويل إيتو في 2006 وصولاً إلى الموزة التي قضمها البرازيلي داني ألفيش بعد رميها عليه في 2014، تعاني إسبانيا من بلاء العنصرية في ملاعبها دون اتخاذ تدابير حاسمة.
لكن اليوم، قد يلعب ردّ فعل فينيسيوس دور الصاعق في تفجير قضية عنصرية أثارت ردود فعل شاجبة في مختلف أنحاء العالم.
(أ ف ب)