مهرجان قابس سينما فن يطفئ بأضوائه الحرائق
مازالت مدينة قابس تعيش أجواء سينمائيّة منعشة للروح ومنيرة للمخيال منذ أن انطلقت مساء الجمعة 6ماي 2022، الدورة الرابعة لمهرجان قابس سينما فن أصبح يحتلّ الذي يتّخذ مكانة متميّزة في فضاء المهرجانات السينمائية العربية بعد أن بني على تصوّر خاصّ للسينما ضمّ من خلاله كل فنون الصّورة بمختلف أشكالها وأنماطها ضمن برمجته التي لا تتوقّف عند العروض والمشاهدة، بل تضع هذه الفنون محلّ مساءلة جمالية وسياسية دائمة لتجمع صنّاع الصّورة حول طاولة التفكير في المناهج الفنيّة والمسارات الإبداعية بمختلف إشكالاتها ووعودها.
وقد جاءت هذه الدورة الرابعة بعيْد الكارثة التي شهدتها المدينة إثر احتراق في ظروف بيئية واجتماعية عسيرة تشهدها المنطقة وسكانها، وكما تنعش التظاهرات الثقافية محيطها على مستويات عدّة، فهي تشكّل أيضا فعل مؤازرة وتعاطف، من خلال ما تقدّمه من رسائل مقاومة وإصرار على الإبداع والخلق والإنتاج. وما تغيير البساط الأحمر باللون الأسود إلا رسالة تعاطف مع ضحايا الحرائق التي شهدتها قابس في الأيام الأخيرة. ولأنّ التوقّف عن الاحتفال والاحتفاء بالفنّ هو موت سريريّ للشعوب وثقافاتها، قدّم مغني الراب التونسي "جنجون" مجموعة من أغانيه في فقرات تفصل بين التقديمات الخاصة بمختلف أقسام المهرجان بالإضافة إلى لجان تحكيم مسابقات الدورة الرابعة لقابس سينما فن.
وقد طرق قابس سينما فن هذه المرة باب الذاكرة الجماعية لمدينته ونظم بقاعة "لاقورا" معرضا عن تاريخ كرة القدم في الجهة، و كان قد أطلق المهرجان دعوة مفتوحة لجمع الأرشيف توجه بها لمشجعي كرة القدم في قابس أو في أي مكان آخر ممن تتوفر لديهم مخطوطات توثيقية أو غيرها من صور، فيديو، أغاني، نصوص، مقالات صحفية، هدايا تذكارية، قبعات، أعلام، لافتا، وأي شيء آخر عن تاريخ كرة القدم في قابس (الرجالية والنسائية )، وقد افتتح المعرض إثر حفل الافتتاح وهو متواصلإلى آخر أيام المهرجان بقاعة لاغورا Agoraقابس.
من 6 إلى 12 ماي 2022، لجمهور قابس وجمهور السينما موعد مع فنون الصّورة بكلّ أشكالها، فبالإضافة إلى البرمجة السينمائية بمختلف أقسامها من مسابقة رسمية ووعود السينما للمخرجين التونسيين الشبان وحديثي التخرّج وسينما الطفل وسينما الأرض، يتجدّد الموعد مع قسم الكازما لفن الفيديو لنكتشف من خلاله خيارات أمين المعارض والفنان التشكيلي والمسرحي اللبناني ربيع مروة الذي يتساءل الفنان التشكيلي والمسرحي اللبناني ربيع مروة عن الحياة من دون صور، من خلال برمجته لمجموعة من الفيديوهات التي تضع الصورة وسيمائيتها محلّ سؤال. من يقف خلف الصورة، من له الحق في ذلك؟ هل الصورة التي أمامنا هي فعلا كلّ ما نراه/نستبطنه؟ هل الصورة ملك لصاحبها؟ أم سجن لمشاهدها؟
والتقى عشاق الصورة هذه السنة بفناني فيديو شبان في قسم الكا أوف في دورته الثانية تحت إشراف أمينة المعارض الشابة كنزة جمالي. هذا ويتواصل قسم الواقع الافتراضي تحت إشراف محمد العربي صوالحية الذي يأخذ متابعيها إلى عوالم الصورة بتكنولوجياتها الحديثة، ويعرّفهم على إنتاجات مسابقة الهاكاتون للواقع الإفتراضي التي تأتي إثر ورشة إبداعية مع طلبة المعهد العالي لفنون الملتيميديا بقابس. كما يمتاز قابس سينما فن في دورته الرابعة بقسم جديد بعنوان "تعالا شوف" وهو ورقة بيضاء للرئيسة الشرفية للمهرجان هند صبري التي اختارت تقاسم الفرجة مع جمهور قابس لفيلمي "البداية" لصلاح أبو سيف و"الأرض" ليوسف شاهين.
محمد صالح مجيّد