languageFrançais

أكاديمية فندق الجديد.. ''أمّ المدارس'' العسكرية في تونس

بمجرّد أن تطأ قدماك أرض الأكاديمية العسكرية بفندق الجديد يمكن أن تلمس النظام والجدّية والاستقامة في أدق التفاصيل، مميّزات تعكس الخصال التي لطالما عرف بها الجيش الوطني.

هنا على بعد 30 كيلومترا جنوبي تونس العاصمة تقع الأكاديمية العسكرية، أو أمّ المدارس العسكرية للتعليم العالي، كما يطلق عليها أبناؤها من الكوادر العسكرية والتلامذة الضباط بإعتبارها الأقدم من بين مختلف المدارس العسكرية في تونس.

ينهل التلامذة العلوم الهندسية والإدارية والقانونية ويتلقون التدريبات البدنية والعسكرية، ويتخرّجون منها ضبّاطا لمختلف وحدات جيش البرّ، وقد يعودون إليها لاحقا في مناصب قيادية.

في هذه المؤسسة التي تأسّست منذ ما يقارب الستّة عقود، يتعلّم التلامذة الضبّاط "نكران الذات ووهب النفس للوطن"، فضلا عن العلوم في الاختصاصات العسكرية والهندسية.

في جولة رافقنا فيها، العميد شهاب خليفة آمر الأكاديمية العسكرية وثلّة من اطاراتها العليا، تعرفنا على مختلف أقسام الأكاديمية لعلّ أبرزها مبنى التعليم الجامعي الجديد (ابن الهيثم)، الذي انطلق التدريس به في أكتوبر 2022. 

العميد شهاب خليفة آمر الأكاديمية العسكرية يقدّم عرضا حول الأكاديمية

في الأكاديمية العسكرية يتعلّم التلامذة الضباط مهارات عدّة، منها ما يتعلّق بالتكوين وأخرى في إطار الأنشطة الترفيهية والثقافية تصبّ جميعها في التكوين الشامل لقيادات الجيش في المستقبل.

تأهيل ضباط المستقبل 


يضم المبنى عدّة أقسام وفضاءات للتدريس النظري والتطبيقي ومخابر مجهّزة بأحدث التقنيات يتلقى فيها التلامذة الضبّاط مختلف العلوم كلّ حسب تخصصه، فضلا عن مكتبة تزخر بالكتب والمراجع في مختلف العلوم والمجالات.

وقد تسنى لنا الاطّلاع على بعض مشاريع تخرّج التلاميذ في مجالات الهندسة العسكرية والمدنية ومجال الاتصالات، ونماذج لبراءات اختراع، تعكس ما بلغه التعليم العالي العسكري من تطوّر ومستوى متميّز ويتمّ العمل على تحديثه باستمرار بفضل مجهودات الإطار الذي يؤمّن الدروس بها أو من خلال الانفتاح على المؤسسات الجامعية الأخرى ومدارس التكوين العسكرية الأجنبية عبر التعاون الدولي ضمن اتفاقيات الشراكة التي تبرمها وزارة الدفاع الوطني.

في ميدان الفروسية قدّم عدد من التلامذة عرضا لركوب الخيل استعرضوا فيه جملة من المهارات تتطوّر مع تقدّم التدريبات.

هذه التدريبات لا تقتصر على الفروسية بل يتمّ  تمرين التلاميذ الضبّاط على العروض العسكرية ، وقد حضرنا في ساحة الاستعراض الكبرى بالأكاديمية على نموذج من هذه الاستعراضات العسكرية وفنيات التدخّل عن قرب. كما شهدنا عرضا بالدراجات الهوائية.

عروض أبرزت جودة التدريبات التي يتلقاها التلامذة الضبّاط وتعكس روح المسؤولية وتوظيف القدرات الذاتية خدمة لأهداف المجموعة، تترجم شعار الأكاديمية العسكرية بفندق الجديد "الحياة عقيدة وجهاد"، حيث يتعلّم التلامذة الضباط الدفاع عن حرمة الوطن وجعلهم فداء للوطن.

كلّ التدريبات والمهارات التي يتلقها التلامذة طيلة سنواتهم الخمس بالأكاديمية تصبّ في هدف واحد تأهيل ضباط المستقبل لهذه المهمة".

وعن التكوين في الأكاديمية العسكرية يشدّد العقيد شهاب خليفة  على تكوين الضباط هي أمانة قبل أن تكون مهمة من أجل تخريج "ضباط على قدر عال من الكفاءة والمهنية والمسؤولية والوطنية.

ثلاث مسارات للتكوين


يتأسّس التكوين في الأكاديمية العسكرية على ثلاث مسارات وهي مسار هندسي وآخر للعلوم العسكرية ومسار ثالث للعلوم القانونية وتصرّف.

وبحسب المسار الذي يختاره التلميذ فإنّه ينتهي بالحصول إمّا على الماجيستير في العلوم العسكرية أو ماجستير العلوم القانونية والتصرف أو الشهادة الوطنية للهندسة.

وجميع هذه المسارات تمتدّ على خمس سنوات يجمع فيها التلاميذ بين التكوين بين الدراسة الجامعية والتكوين البدني والعسكري، بنسب تختلف حسب الإختصاصات لكن النصيب الأكبر منها يكون للتكوين الجامعي، وتنتهي بالحصول على رتبة ملازم أول وتنطلق لاحقا مرحلة التكوين المستمر للضابط طيلة مسيرته المهنية على مستوى مدرسة الأركان وبعدها في المدرسة الحربية العليا أين يتمّ إعداد الحلقات القيادية العليا للجيش التونسي.

وفي مجالات الاختصاص نجد اختصاصات المدفعية والمدرعات والهندسة العسكرية والنقل والاستعلامات والمشاة والمدفعية المضادة للطائرات لجيش البرّ وما يقابلها من اختصاصات لجيش الطيران والبحر.

تكوين عريق


مرّ التكوين العسكري في تونس بعدّة مراحل، فبعد الاستقلال سنة 1956 وإلى غاية 1967 أي قبل إحداث الأكاديمية العسكرية، كان تكوين الضباط يتمّ في الخارج وأساسا بفرنسا بمدرسة سان سير العسكرية.

وبدأ تدريجيا إرساء التعليم العسكري في تونس إلى أن تمّ بعث الأكاديمية العسكرية في 24 دسيمبر 1966، وافتتحت أبوابها لاستقبال أوّل دفعة  في سنة 1967 وجرى تدشينها من قبل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

مرّ التكوين في الأكاديمية بعدّة مراحل فبين 1967 و 1971 كان التكوين عسكريا بحتا يمتد لسنتين لتلبية لحاجيات الجيش التونسي آنذاك. ومن 74 إلى سنة 1985 أصبح التكوين عسكريا يتخلله تعليم جامعي جزئي ويدوم التكوين 4 سنوات.

ومن سنة 1985 إلى 2003 أصبح التكوين يجمع بين العسكري والتعليم جامعي على امتداد أربع سنوات. ومنذ 2003 بات سنوات الدراسة بالأكاديمية تمتد على 5 سوات.  

أوّل تلميذة بالأكاديمية


تبلغ نسبة الاناث بالأكاديمية العسكرية حاليا 7 بالمائة من إجمالي التلاميذ الذين يؤمونها، ويعود  تواجد أوّل تلميذة بالأكاديمية العسكرية لسنة 1974.

الانتداب بالأكاديمية العسكرية

يتمّ الانتداب بالأكاديمية عن طريق إدارة التعليم العالي العسكري ضمن جملة من الشروط والمقاييس المضبوطة العلمية والطبية والتقييم الرياضي من بين حملة شهادة الباكالوريا.

ويفتح مجال الإنتداب بالأكاديمية العسكرية بعد الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر موقع تخصّصه وزارة الدفاع للغرض.

ريبورتاج: شكري اللجمي
تصوير ومونتاج: إيهاب الفرشيشي