الحزب الديمقراطي يبدأ مداولات اختيار بديل لبايدن
دخل السباق الرئاسي في الولايات المتحدة مرحلة ضبابية الإثنين 22 جويلية 2024 غداة إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه ودعم نائبته كامالا هاريس لخوضه بدلاً منه، وبدء الحزب الديمقراطي مداولات لتحديد ما اذا كانت تمثّل الخيار الأمثل لمواجهة الجمهوري دونالد ترامب في نوفمبر.
وبعد أسابيع من تسريبات وضغط سياسي من داخل الحزب، دخل على خطه كبار الداعمين الماليين للديمقراطيين، أعلن بايدن البالغ 81 عاماً انسحابه من المنافسة الأحد ودعمه هاريس لخوض الانتخابات الرئاسية لهذه السنة.
وأكدت هاريس البالغة 59 عاماً نيتها الترشح، وقالت في بيان "يشرفني أن أحصل على تأييد الرئيس ونيّتي هي كسب هذا الترشيح والفوز به.... سأبذل كل ما في وسعي لتوحيد الحزب الديمقراطي - وتوحيد أمتنا - لهزيمة دونالد ترامب".
وبينما أعلنت شخصيات ديموقراطية دعم نيل هاريس بطاقة الترشيح عن الحزب في مؤتمره العام المقرر في شيكاغو منتصف أوت، أحجم عدد من رموز الحزب مثل الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، عن تأييد أول سيدة وسوداء تتولى منصب نيابة الرئاسة في البلاد.
وأشاد أوباما في بيان بقرار بايدن الانسحاب، لكنه حذّر من "آفاق مجهولة في الأيام المقبلة" معربا في المقابل عن ثقته بقدرة قادة الحزب على "وضع مسار يمكن أن يفضي إلى مرشح بارز".
تحوّلان كبيران خلال أيام
وشهد السباق الى البيت الأبيض تحوّلين كبيرين خلال مدة زمنية قصيرة لم تتجاوز ثمانية أيام، مما أعاد الزخم الى المنافسة وتسبب بخلط الأوراق قبل الانتخابات المقررة في الخامس من نوفمبر. فقد تعرّض الرئيس السابق والمرشح الجمهوري ترامب لمحاولة اغتيال في 13 جويلية، وأعلن بايدن في 21 منه انسحابه، ليرضخ بذلك الى ضغط واسع من المعسكر الديمقراطي نفسه.
وأتى إعلان بايدن في رسالة الى الأمريكيين نشرت عبر منصة "إكس"، علماً أن الرئيس الديمقراطي لم يظهر في العلن منذ إعلان إصابته بكوفيد-19 الأسبوع الماضي، وعزل نفسه في منزله الخاص بولاية ديلاوير في جنوب البلاد.
وقال بايدن "أرى أنه من مصلحة حزبي وبلدي أن انسحب وأن أركّز فقط على مهامي كرئيس إلى حين انتهاء ولايتي".
وأتبع رسالته بمنشور على "إكس" قال فيه "اليوم أريد أن أقدم دعمي وتأييدي الكاملين لكامالا لتكون مرشحة حزبنا هذا العام.. لقد حان الوقت للديمقراطيين للتوحد وهزيمة ترامب".
ولقيت هاريس تأييد أسماء بارزة في الحزب الديمقراطي، مثل الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، وحاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم الذي كان ينظر إليه كمنافس محتمل، إضافة الى الكثير من المشرّعين المنتخبين من التقدميين والمعتدلين.
وقالت النائبة عن نيويورك ألكسندريا أوكازيو كورتيز في منشور على إكس "اليوم أكثر من أي وقت مضى، من المهم أن يتوحد حزبنا وبلادنا سريعاً لهزيمة دونالد ترامب والخطر الذي يمثّله على الديمقراطية الأمريكية".
وأثارت خطوة بايدن، المفاجئة على رغم أنها كانت محور تكهنات على مدى الأيام الماضية، سلسلة من الأسئلة في أوساط الحزب الديمقراطي، منها ما اذا كان السناتور جو مانشين، المنتسب سابقاً الى الحزب والمستقل حالياً، يعتزم السعي لخوض السباق الرئاسي.
وكان السناتور البارز انضم الأحد إلى الدعوات الموجهة لبايدن لإنهاء ترشيحه لصالح ديمقراطي أصغر سنا.
في مقابل علامات الاستفهام، انعكس انسحاب بايدن إيجاباً على الصعيد المالي بالنسبة للديمقراطيين، اذ أعلنت مجموعة "أكت بلو" المسؤولة عن جمع التبرّعات لحملة الانتخابات الرئاسية للحزب أنّها سجّلت مساء الأحد، بعد سحب الرئيس ترشّحه ودعمه هاريس، أكبر عملية جمع تبرّعات ليوم واحد في 2024، وصلت الى 46,7 مليون دولار.
حملة ترامب مستعدة
على المقلب الجمهوري، ستكون لانسحاب بايدن انعكاسات لا مفرّ منها على حملة الرئيس السابق ترامب، اذ سيضطر لإعادة رسم استراتيجيته الانتخابية التي تمحورت بشكل كبير الى الآن على وضع بايدن الصحي والذهني.
وكثّف فريق الحملة في الآونة الأخيرة من المواد الدعائية التي تركّز على بايدن وهو يرتكب الهفوات أو يتلعثم ويتعثر.
لكن يُخشى أن ينقلب السحر على الساحر، ويصبح تركيز الدعاية على السنّ والقدرة الذهنية سلاحاً للديمقراطيين بمواجهة ترامب البالغ 78 عاماً، خصوصاً في حال نالت هاريس التي تصغره بزهاء 20 عاماً، ترشيح الحزب.
وقد تعمد هاريس التي أصبحت في مارس أول نائبة للرئيس تزور عيادة للإجهاض، الى جعل هذه القضية محوراً أساسياً في مواجهة ترامب. ومنذ قرار المحكمة العليا الأمريكية في 2022 الذي ألغى عملياً الحق الدستوري بالإجهاض، خسر الجمهوريون الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي وعمليات الاقتراع التي تتطرق لهذا الشأن.
لكن حملة ترامب تؤكد أن انسحاب بايدن لم يأخذها على حين غرة، وأن المسؤولين عنها أعدوا حملات دعائية موجهة ضد هاريس ستبثّ في عدد من الولايات المفتاحية في السباق الانتخابي خلال الأيام القليلة المقبلة.
*أ ف ب