قمّة المناخ: تحذير دولي من مخاطر كارثيّة على البشريّة
بعد توافد العشرات من قادة العالم إلى مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27" الذي يعقد في شرم الشيخ بمصر، أجمع معظم المتحدّثين على خطورة الأزمة المناخيّة التي تهدّد العالم أجمع، مشدّدين على ضرورة التحرّك واتّخاذ خطوات عمليّة من أجل خفض حرارة الكوكب.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، افتتح القمة، مشدّداً على أهميّة التحرّك لمعالجة أزمة المناخ المصيرية التي تعتبر أكبر التحديات التي تواجه العالم على الإطلاق، معرباً عن أمله ببذل الجهود من أجل تنفيذ خطوات حسية في هذا المجال.
وأكّد أنّ المعاناة الإنسانية بسبب تغيّر المناخ تتكرّر وتؤكّد الحاجة الملحة لإنهائها.
كما أضاف في كلمته الافتتاحية، أنّ الشعوب حول العالم تنتظر من المجتمعين التنفيذ السريع والفعال والعادل لخفض الانبعاثات والاحتباس الحراري، للحدّ من الكوارث المناخية التي تضرب مختلف المناطق مسببة ضحايا وخسائر ضخمة. واعتبر أنّ نتائج هذا المؤتمر تسهم في تحول حياة ملايين البشر نحو الأفضل.
"أوقفوا الحرب"
كذلك، تطرّق السيسي إلى الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة، داعياً إلى ضرورة توقّف الحرب، قائلاً: "رجاء أوقفوا هذه الحرب" فيما علا التصفيق في القاعة المترامية الأطراف.
كما أعرب عن استعداده إلى التوسط في هذا المجال.
صراعات عالميّة
من جهته، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على أنّ الفوضى المناخية هي السبب الرئيس في الصراعات العالمية. ونبّه إلى أنّ الإنسانيّة تخوض معركة بقاء في مواجهة التغير المناخي.
كما دعا إلى اتّفاق بين الاقتصادات المتقدمة والناميّة والناشئة من أجل البيئة ولصالح البشرية، لاسيما الصين والولايات المتحدة.
إلى ذلك، أكّد أهمية التخلّي عن الفحم كمصدر رئيسي للطاقة وتجنّب أضراره الخطيرة، وحثّ المؤسّسات الدوليّة على تغيير نهجها الاقتصادي وتوفير موارد ماليّة للحياد الكربوني.
بدوره، لفت رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، إلى أنّ مخاطر تغيّر المناخ تستهدف الجميع دون استثناء. كما أكّد أنّ بلاده مستمرة في نهج التعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة تلك الأزمة.
وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات اليوم وغداً الثلاثاء أمام المندوبين المجتمعين بشرم الشيخ.
أزمات متعدّدة
تأتي تلك المداخلات على خلفيّة أزمات متعددة مترابطة في العالم، على رأسها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة، ما قد يدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات رغم أنّ تداعياتها المدمرة تجلت كثيراً عام 2022 مع الفيضانات القاتلة وموجات القيظ والجفاف التي عاثت فساداً بالمحاصيل في العديد من الدول، لاسيما الإفريقية.
فيما لا تزال العديد من الدول المتقدمة متهمة بالتقصير فيما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار.
انبعاثات غازات الدفيئة
يذكر أنّه ينبغي أن تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول العام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 طموحاً ويقضي بحصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
لكن التعهدات الحاليّة للدول الموقّعة حتّى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدّي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 5 و10%، ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.
فمع السياسات المتبعة راهناً، يُتوقع أن يبلغ الاحترار 2,8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.
29 دولة فقط
وكانت 29 دولة فقط رفعت إلى كوب 2021 خططاً بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنّها أقرّت "ميثاقاً" يدعوها إلى القيام بذلك.
فيما ستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.
المساعدات للدول الفقيرة
كذلك يترقب العالم باهتمام الإعلانات المتعلقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أن مسؤوليتها فيها محدودة إذ إن انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جداً.
يشار إلى أنه في بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى "كوب27" الأحد للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر. وتقدر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقع أن تستمر بالارتفاع الكبير. فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قدرت بأكثر من 30 ملياراً.
المصدر: العربيّة