languageFrançais

الرئاسيات الجزائرية...مقربون من بوتفليقة لخلافته

يتوجه الجزائريون غدا الخميس، لانتخاب رئيس الجهورية، في سادس انتخابات رئاسية تشهدها البلاد بعد إقرار التعددية سنة 1988، ويكرس هذا الموعد مرحلة، فاصلة بعد حكم دام عشرين سنة للرئيس بوتفليقة، الذي دفعه الغضب الشعبي الذي انطلق في 22 فيفري لتقديم استقالته.

لكن إطلالة سريعة على "الفرسان الخمسة" للرئاسيات، تؤكد أنهم مقربون من بوتفليقة، فعلي بن فليس، اشتغل معه لعدة سنوات، بدء من إدارة حملته الانتخابية في رئاسيات 1999، ليقوم  بوتفليقة بمكافئته بمنصب مدير ديوانه ثم رئيسا للحكومة، حتى العام 2004، أين نافسه على منصب رئيس الجمهورية بدعم من قائد الأركان حينها الراحل محمد العاري، وفرضت الهزيمة القاسية التي لقيها بن فليس من بوتفليقة، إبتعاده عن الحياة السياسية لعقد من الزمن حتى العام 2014، حينما  عاد لينافس بوتفليقة مرة أخرى، لكنه خسر  مرة ثانية.

أما المرشح المستقل عبد المجيد تبون، فإشتغل مع بوتفليقة لعدة سنوات، بداية من العام 1999 وحتى 2002 كوزير للاتصال وبعدها وزيرا للسكن، ثم عاد بوتفليقة ليعينه وزيرا للسكن العام  2012 حتى 2017  حيث عينه وزيرا أولا، والحال نفسه ينطبق على المرشح عز الدين ميهوبي الذي تولى مناصب رفيعة في عهد بوتفليقة منها مديرا للإذاعة، والمكتبة الوطنية، ووزيرا مكلفا بالاتصال ثم وزيرا للثقافة.

مرشح جبهة البناء الوطني، عبد القادر بن قرنية، كانت فترة عمله مع بوتفليقة، قصيرة نوعا، حيث اشتغل معه كوزير للسياحة، ويقول بن قرينة إنه استقال من منصبه لرفضه السياسة التي اعتمدها بوتفليقة والمقربين منه، وإن لم يتولى المرشح عبد العزيز بلعيد مناصب حكومية في عهد بوتفليقة، إلا أنه كان أمينا عام لاتحاد الشبيبة الجزائرية، التي عملت على تجنيد الجامعيين في جميع المواعيد الانتخابية التي دخلها بوتفليقة، ثم انتخب برلمانيا عن جبهة التحرير الوطني وهو حزب الرئيس بوتفليقة.

 

إنتخابات مفتوحة على كل السيناريوهات

ماتزال هوية المرشح الأوفر حظا في انتخابات الخميس، غير واضحة، فبعد الحديث عن عبد المجيد تبون باعتباره "مرشح الجيش"، إلا أن بعض الأحداث أضرت بصورته، أولها أنه مقرب جدا من الرئيس بوتفليقة، وهو الذي ظل يكرر عبارة "والله العظيم إن برنامج الرئيس بوتفليقة سيستمر"، وبعدها استقالة مدير حملته الانتخابية السفير السابق عبد الله باعلي، وإصابة خليفته محمد الأمين مساعيد بأزمة قلبية حادة، أبعدته عن النشاط.

وقبل أسبوع فقط، نشرت وسائل الإعلام المحلية، تسريبات تفيد بتحويل نجل تبون، مسجون منذ أزيد من سنة، للتحقيق معه حول علاقته بكمال شيخي المتهم الرئيسي في قضية حجز 7 قناطير من الكوكايين.

أما علي بن فليس، الذي حظي بدعم إعلامي قوي من قناة وجريدة النهار التي توصف أنها مقربة من دوائر صنع القرار، فشهد نكسة كبيرة، بعد توقيف أحد المسؤولين في حملته الانتخابية، بتهم التخابر مع جهات أجنبية، وتم تأكيد هذه المعلومات ببيان عن النيابة العامة، وتزامن هذا مع "الصمت الانتخابي"، الأمر الذي اعتبره بن فليس محاولة لخدشه أمام الرأي العام.

المرشح الآخر، عز الدين ميهوبي الذي يتولى قيادة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، منذ توقيف أمينه العام أحمد أويحيى، بسبب قضايا فساد وإدانته، بعقوبة 15 سنة سجنا، فيرى فيه المعارضون أنه نسخة  "قبيحة  من رجالات بوتفليقة"، كما تطال ميهوبي اتهامات بصرف المال العام أثناء توليه حقيبة وزارة الثقافة على "حفلات المجون"، ويتحدث الرأي العام في الجزائر أن ميهوبي "مرشح دولة الإمارات" الأمر الذي نفاه جملة وتفصيلا.

وتظهر حظوظ المرشحين الآخرين عبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد، ضعيفة نوعا ما، ولو أن بن قرينة ذو التوجه الإسلامي في موقع أفضل، خاصة بعد تولي أحد إطارات الحزب منصب رئيس البرلمان، ما يؤشر على عدم معارضة النظام لشخصية إسلامية في منصب الرئيس.

 

المقاطعة والانزلاق للعنف الهواجس الأكبر

عمد النظام الجزائري، إلى استمالة الناخبين، عبر تجريد وزارة الداخلية من أي تدخل في العملية الانتخابية، وتم تأسيس "سلطة عليا لمراقبة الانتخابية"، لإعطاء مصداقية أكبر، ورغم هذا يبقى هاجس المقاطعة مخيما على هذا الموعد، خاصة وأن الحملة الانتخابية للمرشحين الخمسة، أكدت أن قلة من الجزائيين اهتموا بتجمعاتهم، بل أن رافضين للانتخابات منعوا المرشحين من تنظيم تجمعات شعبية، وعجز المرشحون عن تنظيم نشاطات في منطقة القبائل، إضافة إلى الآلاف الذين ينزلون إلى الشارع كل ثلاثاء في مسيرات رافضة للانتخابات.

 وعلى هذا الأساس، سعت السلطات إلى إقناع الجزائريين بضرورة الانتخاب، لتفويت الفرصة على من تسميهم "دعاة الفوضى" وتجنيب البلاد وليات "التدخل الاجنبي"، عبر تنظيم مسيرات مؤيدة للمسار الانتخابي والمؤسسة العسكرية التي رافقت الحراك الشعبي منذ انطلاقاته.

ودخل التيار السلفي على الخط، وأصدر عدد من كبار المشايخ يتقدمهم علي فركوس (يوصف بريحانة الجزائر)، ببيان دعوا من خلاله الجزائريين، إلى الانتخاب، وإبعاد البلاد من الفتنة التي تتربص بها خاصة من أعداء الخارج.

كما تظهر ملامح "عنف" قد تحدث خلال الانتخابات، وهو ما تجلى في بعض الصدامات التي حصلت في مكاتب الانتخاب بالخارج بين رافضي الانتخابات وداعميها.

* الجزائر: عبد الله ناصري