languageFrançais

هل تنجح قمّة الجزائر في 'لمّ الشمل' العربي؟

تنطلق مساء الثلاثاء غرة نوفمبر 2022 القمة العربية التي تستضيفها الجزائر،  تحت شعار "لمّ الشمل" إثر انقطاع دام 3 سنوات بسبب جائحة كورونا شهدت خلالها استمرار الانقسامات حول ملفات إقليمية عدة.

هذه القمة التي ستشهد مناقشة المشاركين من الملوك والرؤساء العرب وثيقة "إعلان الجزائر" التي توافق بشأنها وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم الذي دام 3 أيام إلا أنها ستستثني إثارة القضايا الخلافية .

وتتحدث وثيقة إعلان الجزائر عن بنود تتعلق أساسا بالقضية الفلسطينية والأمن العربي والأزمات في 6 دول عربية تعاني غياب الاستقرار.

لمّ الشمل ..قمة عربية دون إثارة القضايا الخلافية

الديبلوماسي السابق توفيق وناس اعتبر في تصريح لموزاييك أن عنوان ''لمّ الشمل'' للقمة العربية يخفي وراءه أشياء عديدة نظرا لعدم طرح القضايا الأساسية بصفة حازمة صلبها خصوصا أنها لن تتطرق إلى موضوع الصحراء الغربية وعودة سوريا إلى الجامعة العربية ولن تتطرق للملف الليبي بشكل حاسم .

وأضاف وناس أن الهدف هو عقد القمة العربية دون إثارة القضايا الخلافية والهامة والتي ليس لها حلول، فضلا عن نقطة اعتبارية ثانية مفادها أن اجتماع هذه القمة في حد ذاته يعطي نوعا من الانطباع بأن الصفّ العربي مازال يتحدث ويتشاور مع بعضه ولم تندثر هذه الجامعة تماما بالرغم من عدم تمكنها من حل القضايا المهمة.

وأشار توفيق وناس إلى أن ''ملف التطبيع أصبح ملفا سياديا أحاديا خاصا بكل دولة مبينا أنه لا يمكن تصوّر موقف جماعي سيتم اتخاذه تحت مظلّة جامعة الدول العربية .. وهناك دول طبّعت ودول لم تطبّع ودول أخرى في طريقها إلى التطبيع وهذا الموضوع فيه اختلاف كبير ولن يقع التطرّق إليه في قمة الجزائر''، حسب تعبيره.

مواقف موحدة تجاه قضايا أصبحت شبه ثانوية

وتحدّث الديبلوماسي السابق عن إمكانية التطرّق لما أسماها بالمواضيع شبه الثانوية وإمكانية اتخاذ موقف عربي موحد بشأنها على غرار التنسيق ورأب الصدع بين المنظمات الفلسطينية وهو أمر ايجابي وخطوة نحو لم الشمل بين الفصائل الفلسطينية '' إضافة إلى ملفي الطاقة  والأمن الغذائي خصوصا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وهما من الملفات فيها نوع من الاتفاق والتقارب في المواقف بين القادة العرب.

وأكّد توفيق وناس أن المستفيد الأول من عقد هذه القمة هي الجزائر التي أصبح لها بحكم الوضع الجيوسياسي والاقتصادي وزن مهم دوليا وإقليميا خاصة فيما يتعلق بالغاز والبترول وهذا الوضع الجيوسياسي الإيجابي سيمكنها من تسلم رئاسة القمة العربية  والتكلم باسم الدول العربية في المحافل الدولية في المواضيع الهامة.

وأضاف وناس بأن القمم العربية أصبحت ميدان لمحاولة فض الخلافات الثنائية بين الدول العربيّة في ظل عدم القدرة على اتخاذ مواقف عربيّة موحدة تجاه الأزمات والملفات الدولية.

 لمّ الشمل حلم عربي

من جهته، اعتبر وزير الخارجية السابق أحمد ونيس في تصريح لموزاييك أن قمة الجزائر التي تأجلت لأسباب قاهرة متعلقة بجائحة كورونا ضرورية وعنوان 'لمّ الشمل' حلم عربي منذ تأسيس جامعة الدول العربية وحتى قبل ذلك التاريخ.

واعتبر ونيّس أن الدبلوماسية الجزائرية نجحت في فض قضية هامة متعلّقة بتوحيد المقاومة الفلسطينية قبل انطلاق أشغال هذه القمة العربية في دورتها الـ 31 وهو نجاح مهم جدا سجلته الديبلوماسية الجزائرية ويحق لها أن تدعي نجاحا قويا في الساحة العربية في هذا الملف خاصة أنها اجتهدت اجتهادا شديدا في لمّ شمل فصائل المقاومة الفلسطينية المتشدّدة.

كما تحّدث ونّيس عن المساعي الجدية للجزائر في ما يتعلق بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية إلا أنها لم تصل إلى نتيجة لأسباب عربية وتتجاوز السياسة الجزائرية إلا أنها استفادت من تصريح النظام السوري بعدم إصراره على المشاركة في هذه القمة وهو ما يبرئ ساحة الدبلوماسية الجزائرية في هذا المسعى.

لمّ الشمل في ليبيا

وزير الخارجية السابق أحمد ونيّس عبر كذلك عن أمله في أن يشمل 'لمّ الشمل' في قمة الجزائر الملف الليبي ولمّ شمل الفرقاء والسعي إلى الخروج من الأزمة وبناء النظام المستقبل في ظل الحاجة الأكيدة لعودة الاستقرار في ليبيا وبناء النظام المستقبلي والمنطقة في حاجة ملحة لهذا الاستقرار لمجابهة المصاعب المترتبة عن الحرب الروسية الأوكرانية ومحيطها الذي يضرّ بتونس ودول المغرب العربي ككل.

كما تحّدث عن ضرورة عودة الأمن والاستقرار في ليبيا ومساهمة جامعة الدول العربية وقمة الجزائر في هذا المضمار لأنه لا وجود لأي داع لمواصلة اعتناء عواصم أوروبية والولايات المتحدة وغيرها بهذه القضية أكثر من العرب وخاصة من المغاربة.

الجبهات الأخرى

وأشار أحمد ونيّس إلى 3 جبهات أخرى مطروحة أمام القمة العربية في الجزائر، الأولى هي حرب اليمن وهذه القضية لن تطرح بصفة جدية وفعّالة خصوصا في ظل انطلاق مشاورات منذ أكثر من سنة بين العربية السعودية وإيران وهذا الحوار متواصل في العراق واليمن نفسها، والواجهة الثانية هي استعادة العلاقات بطبيعتها بين تونس والمملكة المغربية بحكم ما وقع في أوت الماضي خلال قمة تيكاد 8 بعد استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وعبر عن أمله في أن تعود هذه العملية بالسفراء إلى أماكن عملهم ولو تعددت المناسبات لعقد لقاءات بين وزيري الخارجية التونسي والمغربي أما الواجهة الأخيرة فهي العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية التي يضرّ انقطاعها بمصلحة البلدين ومصلحة المغرب الكبير بما فيهم تونس .

لمّ الشمل بتجاوز الخلافات بين الجزائر والمغرب وعودة سوريا

وأشار وزر الخارجية السابق في هذا الصدد إلى أن غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن القمّة الجزائرية متصّل بقضية الخلافات بين الجزائر والمغرب خصوصا أن ولي العهد السعودي كان ينوي التقدّم بوساطة مساعيها عودة العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية إلا أن الجزائر رفضت التدخل السعودي في هذه القضية مما أدى إلى عدم مشاركة الملك السعودي في هذه القمة.

ويؤكد وزير الخارجية السابق بأن لمّ الشمل يتحقق بتكامل القلعة المغاربية ومتواصلة بصفة طبيعية بين مختلف الدول وحتى صلب مجلس التعاون الخليجي مع السعي بشكل جماعي نحو تطبيع العلاقات بين أعضاء جامعة الدول العربية في المشرق العربي بما فيها سوريا.

كريم وناس