languageFrançais

ارتفاع سعر النفط وانعكاساته على الاقتصاد التونسي

يواصل سعر برميل النفط ارتفاعه ليصل سعر البرميل الخام الجمعة 4 مارس 2022 إلى حدود 119 دولارا.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الارتفاع المتواصل عالميا انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني في تونس وعلى ميزانية الدولة حسب ما بينه الخبيران أرام بلحاج وفتحي النوري لموزاييك.

انعكاسات سلبية على الميزانية والاقتصاد الوطني 

أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية ارام بالحاج، توقع ارتفاع أسعار المحروقات في تونس مجددا في الفترة القادمة إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز وارتفاع كل أسعار المواد الصناعية والاستهلاكية خاصة في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج والنقل. 

وتحدث أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية عن غياب حلول على المدى العاجل لمجابهة هذا الارتفاع المتواصل للمواد البترولية في العالم، مبينا أن الدولة ستلجأ مكرهة إلى الزيادة في أسعار المحروقات .

وفي المقابل، بين بلحاج ضرورة مراجعة منظومة الدعم وترشيده كحل على المدى المتوسط حتى يصل إلى مستحقيه وإصلاح قطاع المحروقات بدأ من التشريعات والقوانين وصولا إلى الأسعار. 

كما أشار أرام بلحاج إلى أن تواصل الحرب الروسية الأوكرانية سيؤدي إلى تفاقم العجز التجاري في تونس وارتفاع أسعار المواد مما سيؤدي ارتفاع نسبة التضخم وانزلاق قيمة الدينار وارتفاع كلفة خدمات الدين. 

العالم يعيش صدمة نفطية

من جهته، اعتبر  أستاذ الاقتصاد والعضو السابق بمجلس إدارة البنك المركزي فتحي النوري أن ارتفاع سعر برميل النفط لأكثر من 100 دولار بمثابة الصدمة النفطية وهي صدمات مفاجئة ومباغتة لم تستعد لها أي دولة. 

وبين النوري أن تونس فاجأتها الصدمة النفطية كسائر دول العالم رغم أن ارتفاع سعر برميل النفط في العالم كان بشكل تدريجي منذ أواخر سنة 2021 لما انتهى العالم من الأزمة الصحية المتعلقة بفيروس كورونا وارتفاع الطلب العالمي مع استرجاع الاقتصاد العالمي لنسقه ونموه الذي فقده في سنة 2020، مقابل عدم استعداد الدول المصدرة للطاقة لتوفير الكميات اللازمة لمجابهة تضاعف الطلب إثر أزمة كورونا إضافة إلى تعطل الإنتاج في ليبيا وكازاخستان والإمارات والسعودية وتعطل الاستثمارات المتعلقة باستكشاف النفط والمواد الطاقية.

واعتبر النوري أن ارتفاع سعر برميل النفط لما يفوق 100 دولار بمثابة الحاجز النفسي الذي لم نكن ننتظره والذي يستدعي حدثا جيوسياسيا حتى تتجاوز قيمة برميل النفط ال 100 دولار وهو ما يحدث حاليا بين دولتي روسيا وأوكرانيا  وهما من اكثر الدول المنتجة للطاقة مما يهدد تزويد أسواق العالم بالمواد الطاقية. 

كما بين فتحي النوري أن تونس تعتبر دولة محظوظة خصوصا وأنها تنتج بعض حاجياتها الطاقية إضافة إلى أن معدل سعر بيع لتر البنزين في العالم في حدود 3 دنانير و700 مليم في حين يتم بيعها في تونس بدينارين و220 مليم مرجعا هذا الأمر إلى أن أسعار الطاقة في تونس تخضع إلى التحكيم  الذي تتداخل فيه العناصر السياسية والاجتماعية. 

تفاقم فاتورة العجز في الميزان الطاقي

وفي المقابل أوضح فتحي النوري أن ارتفاع فاتورة الطاقة سيؤدي إلى تفاقم العجز الجاري في الميزان الطاقي مما سيؤثر على مخزون البلاد من العملة الصعبة والذي سينعكس سلبيا على قيمة الدينار التونسي. 

وتحدث حول ضرورة مراجعة منظومة الدعم الموجه خاصة للمواد الطاقية مبينا في هذا الخصوص أن  قارورة الغاز التي تباع بحوالي 7 دنانير تحظى بدعم من الدولة في حدود 33 دينار ويتم استغلالها في المقاهي والمطاعم وفي مجالات لا تستحق الدعم حسب تعبيره. 

وتوقع فتحي النوري ارتفاع أسعار المحروقات في الفترة القادمة خصوصا وأن أسعار الطاقة لا تحددها لا القصبة ولا قرطاج ولا أي جهة قرار وطنية وإنما تحددها الأسواق العالمية التي لا نتحكم فيها كتونسيبن. 

ضرورة تغيير السلوكيات

وأكد النوري أن الظرفية العالمية وانعكاساتها على بلادنا تستدعي تغيير المواطن التونسي لسلوكياته الاستهلاكية خاصة المتعلقة بالمواد الطاقية خصوصا في ظل  ضعف إمكانيات الدولة التي شهدت 3 أزمات متتالية متعلقة أساسا بأزمة الانتقال الديمقراطي وأزمة كورونا والأزمة العالمية الحالية المتعلقة بالحرب. 

كما تجابه تونس 3 معيقات تحول دون النهوض بالاقتصاد الوطني أولها شح الموارد الطبيعية وثانيها شح الموارد البشرية في ظل النقص في الرأسمال البشري القادر على التفكير بإيجابية وله جدوى اقتصادية وثالثها شح الموارد المالية لتمويل الميزانية وتوفير السيولة لتمويل الإقتصاد وهي معيقات ستؤدي إلى الوقوع في أزمة مالية خانقة وتستدعي التفكير بجدية من الآن في حلول لمجابهتها مستقبلا.

كريم وناس