languageFrançais

أي بديل لمعالجة الفسفاط في ظل أزمة المياه؟

نبه عدة خبراء في تونس من تزايد أزمة ندرة المياه في البلاد وسط دعوات إلى إعلان الفقر المائي في أقرب وقت ممكن. وتفاقمت حدة الإشكاليات المتعلقة بالموارد المائية من ندرة وملوحة وتلوث خاصة في المناطق التي شهدت تراجعا في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة ومنها ولاية قفصة خاصة .

ويبقى مشروع النقل الهيدروليكي للفسفاط بين الحوض المنجمي وميناء الصخيرة والذي أعلنت رئيسة الحكومة نجلاء بودن عن انطلاق الحكومة في وضع دراسة أولية له في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك خلال أشغال القمة العالمية للحكومات بدبي في شهر فيفري 2023 ، مشروعا يحمل معه الأمل في استعادة التوازنات المائية والحفاظ عليها بجهة قفصة. 

ووصفت وزيرة الصناعة نائلة نويرة القنجي في تقديمها لهذا المشروع على هامش قمة تيكاد 8 ب"مشروع القرن" لما له من أبعاد تنموية واقتصادية وبيئية. 

ويتمثل المشروع في تأمين تزويد معامل المجمع الكيميائي التونسي بالصخيرة وجلب المياه الصناعية بعد تحليتها لتزويد المغاسل المنتجة حاليا والمغاسل المبرمج إنجازها واعتماد الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، ويهدف إلى التقليص في التكاليف وتحسين مردودية مصانع التحويل، إضافة إلى تأمين استمرارية نقل الفسفاط إلى الصخيرة والمحافظة على المائدة المائية والبيئة بولاية قفصة. 

ويتكون المشروع من ثلاثة أجزاء وهي أولا محطة لتحلية مياه البحر بالصخيرة ومحطات ضخ وقنوات لجلبه إلى مناطق الإنتاج بشركة فسفاط قفصة بطاقة تقدر ب160 ألف متر مكعب يوميا قابلة للزيادة قادرة على ضخ لب الفسفاط من المتلوي إلى معامل المجمع الكيميائي التونسي بالصخيرة إضافة إلى تخصيص حصة ستنتفع بها الفلاحة بالجهة.

ثانيا شبكة لتحضير وضخ لب الفسفاط عبر قنوات مطمورة من المتلوي إلى مواقع معامل المجمع الكيميائي بالصخيرة بطاقة تقارب 3 ملايين طن سنويا من الفسفاط التجاري.

وثالثا محطة لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية عبر تركيز ألواح شمسية Photovoltaiques بالمتلوي بطاقة إنتاج تقارب30 ميغاواط، وقدرت كلفة إنجاز المشروع بأجزائه الثلاثة ب1350 مليون دينار ،وكانت انطلاقته بإعداد كراس شروط خاصة بدراسة الوضع الطبوغرافي والعقاري لتحديد المسار النهائي الذي سيعتمده .

من جهتها أعلنت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مؤخرا عن طلب عروض دولي لإنشاء محطة لتحلية مياه المالحة لتعزيز الموارد المائية وتحسين نوعية المياه لفائدة معتمديات الحوض المنجمي المتلوي وأم العرائس والرديف التي تعاني انقطاعات متكررة لمياه الشرب ومن ارتفاع نسبة ملوحة المياه .

يذكر أن آبار شركة فسفاط قفصة بها طاقة ضخ للمياه تقدر بنحو 715 لترا في الثانية وهو ما يعادل تقريبا طاقة ضخ مياه الشرب باقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بكامل معتمديات الولاية ،ويبقى الاشكال المطروح في أن المياه المستغلة في عملية غسل الفسفاط هي في أغلبها صالحة للشرب إضافة إلى التأثير المباشر لهذه الآبار على المائدة المائية بالجهة والتي تشهد سنويا تراجعا مابين مترين إلى ثلاثة أمتار. 

وأكد محمد بنعاسي مدير إقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بقفصة أنه على المستوى المتوسط والبعيد ستشهد ولاية قفصة صعوبات جمّة في الحصول على المياه الصالحة للشرب بسبب ندرة الموارد المائية وللهبوط الحاد في منسوب المياه إضافة إلى الاستهلاك المفرط للماء في المجال الفلاحي الذي يستهلك حوالي 80% من مجموع المياه المتاحة .

من جانبه قال محمد حسين الرحيلي المتخصص في التنمية والتصرف في الموارد المائية والخبير بالمرصد الوطني للمياه إن مشروع النقل الهيدروليكي للفسفاط قد يبقى يراوح مكانه وبعيد الإنجاز في ظل الأزمة الخانقة التي تعيشها المالية العمومية وبسبب عدم استعادة شركة فسفاط قفصة لتوازناتها المالية بما يمكنها من المساهمة في تمويل هذا المشروع الضخم .فمتى يرى المشروع النور حتى يبتعد شبح الفقر المائي عن جهة قفصة وتستعيد الجهة مدخراتها من المياه التي عرفتها منذ العهود السابقة وحتى العهد الروماني ؟

عماد التومي